للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أن يستمرّ بوابًا، وإنما أمرَه بذلك قَدْر ما يقضي حاجته، ويتوضأ، ثم استمر هو من قِبَل نفسه.

قال: فبَطَل أن يُستدَلّ به لِمَا قاله ابن التين، والعجب أنه نَقَل ذلك بعدُ عن الداوديّ، وهذا من مختلف الحديث، وكأنه خَفِي عليه وجه الجمع الذي قررته، ثم إن قول أبي موسى -رضي الله عنه- هذا لا يعارض قول أنس -رضي الله عنه-: إنه -صلى الله عليه وسلم- لم يكن له بواب، كما سبق في "كتاب الجنائز"؛ لأن مراد أنس أنه لم يكن له بوّاب مرتَّب لذلك على الدوام. انتهى (١).

وقال الحافظ في موضع آخر: قوله: "لأكوننّ اليوم بواب النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، ولم يأمرني"، قال الداوديّ في الرواية الأخرى: "أمرني بحفظ الباب"، وهو اختلاف ليس المحفوظ إلا أحدهما.

وتُعُقب بإمكان الجمع بأنه فَعَل ذلك ابتداءً من قِبَل نفسه، فلما استأذن أوّلًا لأبي بكر، وأمَره النبيّ -صلى الله عليه وسلم- أن يأذن له، ويبشّره بالجنة، وافق ذلك اختيار النبيّ -صلى الله عليه وسلم- لِحِفظ الباب عليه؛ لكونه كان في حال خلوة، وقد كشف عن ساقه، ودلى رجليه، فأمَره بحفظ الباب، فصادف أمره ما كان أبو موسى ألزم نفسه به قِبَل الأمر، ويَحْتَمِل أن يكون أطلق الأمر على التقرير. انتهى كلام الحافظ رحمهُ اللهُ (٢)، وهو بحث نفيسٌ جدًّا، والله تعالى أعلم.

(فَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ) الصدّيق -رضي الله عنه- (فَدَفَعَ الْبَابَ)، وفي رواية: "فجاء رجل يستأذن"، (فَقُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ فَقَالَ: أَبُو بَكْرٍ)؛ أي: أنا أبو بكر، (فَقُلْتُ: عَلَى رِسْلِكَ) بكسر الراء، وفتحها لغتان، والكسرَ أشهر، ومعناه: تَمَهَّلْ، وتَأَنَّ، قاله النوويّ (٣).

وقال القرطبيّ: هو بكسر الراء، وهو المعروف، ويقال: بفتحها؛ أي: اسكُنْ، وارْفُقْ، كما يقال: على هينتك. انتهى (٤).

(قَالَ) أبو موسى (ثُمَّ ذَهَبْتُ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ الله، هَذَا أَبُو بَكْرٍ) -رضي الله عنه-


(١) "الفتح" ٨/ ٣٦٥ - ٣٦٦، كتاب "الفضائل" رقم (٣٦٧٤).
(٢) "الفتح" ١٦/ ٥٠٩، كتاب "الفتن" رقم (٧٠٩٧).
(٣) "شرح النوويّ" ١٥/ ١٧١.
(٤) "المفهم" ٦/ ٢٦٤.