للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(يَسْتَأْذِنُ؟ فَقَالَ) -صلى الله عليه وسلم- (ائْذَنْ لَهُ، وَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ"، قَالَ) أبو موسى (فَأَقْبَلْتُ، حَتَّى قُلْتُ لأَبِي بَكْرٍ، ادْخُلْ، وَرَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- يُبَشِّرُكَ بِالْجَنَّةِ) زاد في رواية: "فحمد الله"، وكذا قال في عمر. (قَالَ: فَدَخَلَ أَبُو بَكْرٍ، فَجَلَسَ عَنْ يَمِينِ رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- مَعَهُ فِي الْقُفّ، وَدَلَّى رِجْلَيْهِ)؛ أي: مدّهما (فِي الْبِئْر، كَمَا صَنَعَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-، وَكشَفَ عَنْ سَاقَيْهِ)؛ أي: كما كشف -صلى الله عليه وسلم- عنهما. (ثُمَّ رَجَعْتُ، فَجَلَسْتُ، وَقَدْ تَرَكْتُ أَخِي يَتَوَضَّأُ، وَيَلْحَقُنِي) كان لأبي موسى الأشعريّ أخوان: أبو رُهْم، وأبو بُرْدة، وقيل: إن له أخًا آخر، اسمه محمد، وأشهرهم أبو بُردة، واسمه عامر، وقد أخرج عنه أحمد في "مسنده" حديثًا (١). (فَقُلْتُ: إِنْ يُرِدِ اللهُ بِفُلَانٍ -يُرِيدُ أَخَاهُ- خَيْرًا يَأْتِ بِهِ)؛ أي: حتى يبشَّر بالجنّة مع هؤلاء، (فَإِذَا إِنْسَانٌ يُحَرِّكُ الْبَابَ) فيه حُسْن الأدب في الاستئذان، قال ابن التين: ويَحْتَمِل أن يكون هذا قبل نزول قوله تعالى: {لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا} الآية [النور: ٢٧].

وتعقّبه الحافظ: فقال: وما أبعدَ ما قال، فقد وقع في رواية عبد الرحمن بن حرملة: "فجاء رجل، فاستأذن وفي رواية أبي عثمان النّهْدي: "فجاء رجل، فاستفتح فعُرف أن قوله: "يحرك الباب" إنما حرّكه مستاذنًا، لا دافعًا له؛ ليدخل بغير إذن. انتهى (٢).

(فَقُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ فَقَالَ: عُمَرُ بْنُ الْخَطَّاب) -رضي الله عنه- (فَقُلْتُ: عَلَى رِسْلِكَ، ثُمَّ جِئْتُ إِلَى رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-، فَسَلَّمْتُ عَلَيْه، وَقُلْتُ: هَذَا عُمَرُ، يَسْتَأْذِنُ؟ فَقَالَ: "ائْذَنْ لَهُ، وَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ"، فَجِئْتُ عُمَرَ، فَقُلْتُ: أَذِنَ) بالبناء للفاعل؛ أي: أذن لك -صلى الله عليه وسلم- في الدخول عليه، (وَيُبَشِّرُكَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- بِالْجَنَّةِ) تقدّم أنه حمد الله تعالى. (قَالَ: فَدَخَلَ، فَجَلَسَ مَعَ رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- فِي الْقُفِّ عَنْ يَسَارِه، وَدَلَّى رِجْلَيْهِ فِي الْبِئْر، ثُمَّ رَجَعْتُ، فَجَلَسْتُ، فَقُلْتُ: إِنْ يُرِدِ اللهُ بِفُلَانٍ خَيْرًا -يَعْنِي: أَخَاهُ- يَأْتِ بِه، فَجَاءَ إِنْسَانٌ، فَحَرَّكَ الْبَابَ، فَقُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ فَقَالَ: عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ) -رضي الله عنه-، (فَقُلْتُ: عَلَى رِسْلِكَ، قَالَ: وَجِئْتُ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم-، فَأَخْبَرْتُهُ، فَقَالَ: "ائْذَنْ لَهُ" في رواية أبي عثمان: "ثم جاء آخر، يستأذن، فسكت هُنَيّةً، ثم قال: ائذن له"،


(١) "الفتح" ٨/ ٣٦٦.
(٢) "الفتح" ٨/ ٣٦٦.