للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

عبد الحارث، عن أبي موسى، وهو الصواب، فرجع الحديث إلى أبي موسى، واتَّحَدت القصةُ، والله أعلم.

[تنبيه]: أشار النبيّ -صلى الله عليه وسلم- بالبلوى المذكورة إلى ما أصاب عثمان في آخر خلافته من الشهادة يوم الدار، وقد وَرَدَ عنه -صلى الله عليه وسلم- أصرح من هذا، فروى أحمد من طريق كُليب بن وائل، عن ابن عمر: "قال: ذكر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فتنةً، فمرّ رجل، فقال: يُقتل فيها هذا يومئذ ظلمًا، قال: فنظرت، فإذا هو عثمان"، وإسناده صحيح (١).

(قَالَ) أبو موسى (فَدَخَلَ) عثمان (فَوَجَدَ الْقُفَّ قَدْ مُلِئَ) بالنبيّ -صلى الله عليه وسلم-، وصاحبيه -رضي الله عنهما-، (فَجَلَسَ وُجَاهَهُمْ) بضمّ الواو، وكَسْرها؛ أي: مقابلهم (مِنَ الشِّقِّ الآخَرِ) بكسر الشين المعجمة؛ أي: الجانب الآخر.

(قَالَ شَرِيكٌ)؛ أي: ابن أبي نمر، فهو موصول بالإسناد الماضي. (فَقَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ: فَأَوَّلْتُهَا قُبُورَهُمْ)؛ أي: أوَّلت هؤلاء الثلاثة الجالسين على الهيئة المذكورة بقبورهم، والتأويل بالقبور من جهة كون الشيخين مصاحبين له عند الحفرة المباركة، لا من جهة أن أحدهما في اليمين، والآخر في اليسار، وأما عثمان فهو في البقيع، مقابلًا لهم، وهذا من الفراسة الصادقة، قاله في "العمدة" (٢).

وقال القاضي عياض رحمهُ اللهُ: يريد أنه تفرّس في تلك الحالة من جلوسهم، واجتماع الثلاثة في جهة، وانفراد عثمان عنهم دَفْن أولئك الثلاثة بمكان واحد، وليس تلك رؤيا تُحمل على التأويل، وإنما هو من باب التفرّس، ومما يقع في القلب. انتهى (٣).

وقال في "الفتح": فيه وقوع التأويل في اليقظة، وهو الذي يُسَمَّى الفِراسة، والمراد: اجتماع الصاحبين مع النبيّ -صلى الله عليه وسلم- في الدفن، وانفراد عثمان عنهم في البقيع، وليس المراد خصوص صورة الجلوس الواقعة.

وقد وقع في رواية عبد الرحمن بن حرملة، عن سعيد بن المسيِّب: "قال


(١) "الفتح" ٨/ ٣٦٦.
(٢) "عمدة القاري" ١٦/ ١٩٠.
(٣) "إكمال المعلم" ٧/ ٤١٠.