للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

رسول الله زعم المنافقون كذا، فقال: "كذبوا، إنما خلّفتك لِمَا تركت ورائي، فارجع، فاخلفني في أهلي وأهلك، أما ترضى يا عليّ أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى؟ تأوّل قول الله تعالى: {وَقَالَ مُوسَى لِأَخِيهِ هَارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي} الآية [الأعراف: ١٤٢]. انتهى (١).

وقال في "العمدة" عند قوله: "أنت منّي، وأنا منك" ما نصّه: قوله: "أنت" مبتدأ، و"مني" خبره، ومتعلق الخبر خاصّ، وكلمة "مني" هذه تسمى بـ "من" الاتصالية، ومعناه أنت متصل بي، وليس المراد به اتصاله من جهة النبوة، بل من جهة العلم، والقرب، والنسب، وكان أبو النبيّ -صلى الله عليه وسلم- شقيق أبي عليّ -رضي الله عنه-، وكذلك الكلام في قوله: "وأنا منك".

وفي حديث آخر: "أنت مني بمنزلة هارون من موسى" ومعناه: أنت متصل بي، ونازل مني منزلة هارون من موسى، وفيه تشبيه، ووجه التشبيه مبهم، وبيَّنه بقوله: "إلا أنه لا نبيّ بعدي يعني: أن اتصاله ليس من جهة النبوّة، فبقي الاتصال من جهة الخلافة؛ لأنها تلي النبوة في المرتبة، ثم إنها إما أن تكون في حياته، أو بعد مماته، فخرج بعد مماته؛ لأن هارون مات قبل موسى عليه السَّلام فتبيّن أن يكون في حياته عند مسيره إلى غزوة تبوك؛ لأن هذا القول من النبيّ -صلى الله عليه وسلم- كان مَخرجه إلى غزوة تبوك، وقد خلّف عليًّا على أهله، وأمره بالإقامة فيهم. انتهى (٢).

وقال في "الفتح": قوله: "أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى؟ أي: نازلًا مني منزلة هارون من موسى، والباء زائدة، وفي رواية سعيد بن المسيِّب عن سعد: "فقال عليّ: رضيتُ رضيتُ"، أخرجه أحمد.

ولابن سعد من حديث البراء بن أرقم في نحو هذه القصة: "قال: بلى يا رسول الله، قال: فإنه كذلك"، وفي أول حديثهما أنه -صلى الله عليه وسلم- قال لعليّ: "لا بُدّ أن أُقيم، أو تقيم، فأقام عليّ، فسمع ناسًا يقولون: إنما خلّفه لشيء كرهه منه، فاتّبعه، فذَكر له ذلك، فقال له. . ." الحديث، وإسناده قويّ (٣).


(١) راجع: "الكاشف عن حقائق السُّنن" ١٢/ ٣٨٨١.
(٢) "عمدة القاري" ١٦/ ٢١٤.
(٣) "الفتح" ٨/ ٤٢٤.