اقتحمه جهَّال بني أمية وسفلتهم، فحاشا معاوية منه، ومن كان على مثل حاله من الصحبة، والدِّين، والفضل، والحلم، والعلم، والله تعالى أعلم.
وقال النوويّ رحمهُ اللهُ: قال العلماء: الأحاديث الواردة التي في ظاهرها دَخَلٌ على صحابيّ يجب تأويلها، قالوا: ولا يقع في روايات الثقات إلا ما يمكن تأويله، فقول معاوية -رضي الله عنه- هذا ليس فيه تصريح بأنه أمر سعدًا بسبّه، وإنما سأله عن السبب المانع له من السبّ، كأنه يقول: هل امتنعت تورعًا، أو خوفًا، أو غير ذلك، فإن كان تورعًا وإجلالًا له عن السبّ فأنت مصيب محسن، وإن كان غير ذلك فله جواب آخر، ولعل سعدًا -رضي الله عنه- قد كان في طائفة يسبّون، فلم يسبّ معهم، وعجز عن الإنكار، أوأنكر عليهم، فسأله هذا السؤال، قالوا: ويَحْتَمِل تأويلًا آخر، أن معناه: ما منعك أن تخطّئه في رأيه، واجتهاده، وتُظهر للناس حُسْن رأينا، واجتهادنا، وأنه أخطأ. انتهى (١).
(فَقَالَ) سعد (أَمَّا مَا)"أما" هي الشرطيّة التي ذَكَرها ابن مالك رحمهُ اللهُ في قوله:
و"ما" مصدريّة ظرفيّة، وَصِلَتُها قوله:(ذَكَرْتُ) بضمّ التاء للمتكلّم، (ثَلَاثًا)؛ أي: ثلاث خصال (قَالَهُنَّ لَهُ)؛ أي: لعليّ -رضي الله عنه- (رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-)، وقوله:(فَلَنْ أَسُبَّهُ) جواب "أما"، والتقدير: أما مُدّة ذِكري ثلاث خصال قالها النبيّ -صلى الله عليه وسلم- لعليّ -رضي الله عنه-، فلن أسبّه؛ لكونه بريئًا من أسباب السبّ؛ فكيف أسبّه؟.
وعند أبي يعلى عن سعد -رضي الله عنه- من وجه آخر، لا بأس به:"قال: لو وُضع المنشار على مفرقي، على أن أَسبّ عليًّا ما سببته أبدًا".
ثمّ فخّم سعد -رضي الله عنه- شأن تلك الخصال بقوله:(لأَنْ تَكُونَ) اللام للابتداء، و"أن" مصدريّة. (لِي وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ)؛ أي: من تلك الخصال الثلاث، (أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ حُمْرِ) بضمّ الحاء المهملة، وسكون الميم: جمع أحمر. (النَّعَمِ) بفتحتين المراد به هنا الإبل، وإن كان في الأصل يُطلق على غيرها، قال الفيّوميّ رحمهُ اللهُ: النَّعَمُ: المال الراعي، وهو جَمْع لا واحد له من لَفْظه، وأكثر ما يقع على