للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(عَهْدِي)؛ أي: تقدّم زمان لقائي به -صلى الله عليه وسلم-، (وَنَسِيتُ بَعْضَ الَّذِي كُنْتُ أَعِي)؟ أي: أحفظه (مِنْ رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-، فَمَا حَدَّثْتُكمْ) من قِبَل نفسي (فَاقْبَلُوا)؛ لأنه مما لم أنسه (وَمَما لَا)؛ أي: والذي لم أحدّثكم به من قِبَل نفسي (فَلَا تُكَلِّفُونيِهِ)؛ أي: بأن أحدّثكمِ؛ لأنه ليس من محفوظي. (ثُمَّ قَالَ) زيد -رضي الله عنه- (قَامَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- يَوْمًا فِينَا)؛ أي: معاشر الصحابة، حال كونه (خَطِيبًا بِمَاءٍ يُدْعَى)؛ أي: يسمّى ذلك الماء (خُمًّا) بضمّ الخاء المعجمة، وتشديد الميم: اسم لِغَيْضْة على ثلاثة أميال من الجحفة، عندها غَدِير مشهور يضاف إلى الغيضة، فيقال: غَدير خُمّ، قاله النوويّ -رحمه الله - (١).

(بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ) الظرف متعلّق بحال من "خمًّا"، وقوله: (فَحَمِدَ اللهَ، وَأثْنَى عَلَيْه، وَوَعَظَ)؛ أي: أمر بالطاعة، ووصّى بها (وَذَكَّرَ)؛ أي: وعظ، فهو من عَطْف المرادف. (ثُمَّ قَالَ: "أمَّا بَعْدُ، أَلَا) أداة استفتاح وتنبيه، (أَيُّهَا النَّاسُ) بحذف حرف النداء؛ أي: يا أيها الناس (فَإنَّمَا أنَا بَشَرٌ، يُوشِكُ)؛ أي: يقرب (أَنْ يَأْتِيَ رَسُولُ رَبِّي)؛ أي: ملَك الموت، (فَأُجِيبَ)؛ أي: أموت، كَنَى عنه بالإجابة؛ إشارةً إلى أنه ينبغي تلقيه بالقبول، كأنه مجيب إليه باختياره (٢). (وَأَنَا تَارِ فِيكُمْ ثَقَلَيْنِ) قال العلماء: سُمّيا ثقلين؛ لِعِظَمهما، وكِبَر شأنهما، وقيل: لِثِقَل العمل بهما، قاله النوويّ (٣)، وقال الزمخشريّ في "الفائق": الثقل: المتاع المحمول على الدابّة، وإنما قيل للجنّ والإنس: الثقلان؛ لأنهما قُطّان الأرض، فكأنهما ثقّلاها، وقد شُبّه بهما الكتاب والعترة في أن الدين يُستصلح بهما، كما عَمُرت الدنيا بالثقلين. انتهى (٤).

وقال الطيبيّ -رحمه الله -: قوله: "تارك فيكم" إشارة إلى أنهما بمنزلة التوأمين الخَلَفَين عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وأنه يوصي الأمة بحسن الخلافة معهما، وإيثار حقّهما، كما يوصي الأب الشفيق الناس في حق أولاده، ويعضده قوله:


(١) "شرح النوويّ" ١٥/ ١٧٩ - ١٨٠.
(٢) "فيض القدير على الجامع الصغير" ٢/ ١٧٤.
(٣) "شرح النوويّ" ١٥/ ١٨٠.
(٤) راجع: "الكاشف عن حقائق السُّنن" ١٢/ ٣٩٠٣.