للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

"أذكّركم الله في أهل بيتي" كما يقول الأب المشفق: الله الله في حقّ أولادي. انتهى (١).

(أَوَّلُهُمَا)؛ أي: أول الثقلين: (كِتَابُ اللهِ) تعالى، قدَّمه؛ لأحقيته بالتقديم، (فِيهِ الْهُدَى)؛ أي: الهداية من الضلال، (وَالنُّورُ، فَخُذُوا بِكِتَاب الله، وَاسْتَمْسِكُوا بِهِ") فإنه السبب الموصل إلى المقامات العليّة، والسعادة الأَبدية، فمن أخذ به واستمسك، كان على الهدى، ومن أخطأه ضلّ وأخطأ طريق السعادة، وهلك في ميادين الحيرة، والشقاوة.

قال الطيبيّ -رحمه الله-: معنى التمسّك بالقرآن: هو العمل بما فيه، وهو الائتمار بأوامره، والانتهاء عن نواهيه، والتمسّك بأهل البيت: محبّتهم، والاهتداء بهديهم وسيرتهم. انتهى (٢).

(فَحَثَّ)؛ أي: حرّض (عَلَى كِتَابِ الله، وَرَغَّبَ فِيه، ثُمَّ قَالَ) -صلى الله عليه وسلم- موضّحًا الأمر الثاني ("وَأَهْلُ بَيْتِي)؛ أي: ثاني الثقلين هم أهل بيتي، (أُذَكِّرُكُمُ اللهَ فِي أَهْلِ بَيْتي)؛ أي: في الوصية بهم، واحترامهم، وكرّره ثلاثًا للتأكيد، قال الفخر الرازيّ: جعل الله تعالى أهل بيته مساوين له في خمسة أشياء: في المحبة، وتحريم الصدقة، والطهارة، والسلام والصلاة، ولم يقع ذلك لغيرهم. انتهى (٣).

(أذَكِّرُكُمُ اللهَ فِي أَهْلِ بَيْتِي، أُذَكِّرُكُمُ اللهَ فِي أَهْلِ بَيْتِي") كرّره للتأكيد، والمعنى: أحذّركم الله في شأن أهل بيتي، وأقول لكم: اتقوا الله، ولا تؤذوهم، بل احفظوهم، فالتذكير بمعنى الوعظ، كما يدلّ عليه، قوله: "ووعظ، وذكّر".

قال الطيبيّ -رحمه الله-: لعل السرّ في هذه التوصية، واقتران العترة بالقرآن أن إيجاب محبتهم لائح من معنى قوله تعالى: {قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى} الآية [الشورى: ٢٣]، فإنه تعالى جَعَل شُكر إنعامه وإحسانه بالقرآن منوطًا


(١) راجع: "الكاشف عن حقائق السُّنن" ١٢/ ٣٩٠٩.
(٢) "الكاشف عن حقائق السُّنن" ١٢/ ٣٩٠٩.
(٣) "فيض القدير" ٢/ ١٧٥.