للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الطبرانيّ في "الصغير" من حديث أبي سعيد -رضي الله عنه-: "كان العباس فيمن يحرس النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، فلما نزلت هذه الآية تَرَك"، والعباس إنما لازمه بعد فتح مكة، فَيُحمَل على أنها نزلت بعد حُنين، وحديث حراسته ليلة حنين أخرجه أبو داود، والنسائيّ، والحاكم، من حديث سهل بن الحنظلية: "أن أنس بن أبي مرثد حَرَس النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- تلك الليلة".

وتتبَّع بعضهم أسماء مَن حَرَس النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، فجَمَع منهم: سعدُ بن معاذ، ومحمد بن مسلمة، والزبير، وأبوأيوب، وذكوان بن عبد القيس، والأدرع السلميّ، وابن الأدرع، واسمه مِحْجَن، ويقال: سلمة، وعبّاد بن بشر، والعباس، وأبو ريحانة، وليس كل واحد من هؤلاء في الوقائع التي تقدَّم ذِكرها حَرَس النبيّ -صلى الله عليه وسلم- وحده، بل ذُكر في مطلق الْحَرَس، فأمكن أن يكون خاصًّا به، كأبي أيوب حين بنائه بصفية بعد الرجوع من خيبر، وأمكن أن يكون حَرَس أهل تلك الغزوة؛ كأنس بن أبي مرثد، والعلم عند الله تعالى. انتهى (١).

(فَقَالَ: "لَيْتَ رَجُلًا صالِحًا مِنْ أَصْحَابِي يَحْرُسُنِي اللَّيْلَةَ" يعني: أنه -صلى الله عليه وسلم- تمنّى أن يُحرس تلك الليلة، فحقّق الله أمنيّته، حيث أُلهم سعد بن أبي وقّاص -رضي الله عنه-أن يأتيه ليحرسه، كما بيَّنته عائشة -رضي الله عنها-: (قَالَتْ: وَسَمِعْنَا صَوْتَ السِّلَاح، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: "مَنْ هَذَا؟ ") الذي يُسمع صوت سلاحه، (قَالَ: سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ) خبر لمحذوف؛ أي: أنا سعد بن أبي وقّاص (يَا رَسُولَ اللهِ جِئْتُ أَحْرُسُكَ) من باب نصر؛ أي: أحفظ مِنْ تعرّض العدوّ لك بالأذى، وفي رواية الليث التالية: "فقال: وقع في نفسي خوفٌ على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فجئت أحرسه، فدعا له رسول الله -صلى الله عليه وسلم-". (قَالَتْ عَائِشَةُ: فَنَامَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- حَتَّى سَمِعْتُ غَطِيطَهُ)؛ أي: تردّد نفسه في حَلْقه، يقال: غطّ النائم يَغِطّ من باب ضرب غطيطًا: تردّد نَفَسه صاعدًا إلى حلقه حتى يَسمعه من حوله، قاله الفيّوميّ -رحمه الله- (٢)، والله تعالى أعلم.


(١) "الفتح" ١٧/ ٧٩، كتاب "التمنّي" رقم (٧٢٣١).
(٢) "المصباح المنير" ٢/ ٤٤٩.