للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

شرح الحديث:

عن مُصْعَب بْنِ سَعْدٍ (عَنْ أَبيهِ) سعد بن أبي وقّاص -رضي الله عنه- (أَنَّهُ نَزَلَتْ فِيهِ آيَات مِنَ الْقُرْآنِ) هي أربع آيات، كما يأتي في الحديث التالي، وفي رواية الترمذي قال: أُنزلت فيّ أربع آيات، فذكر قصة، فقالت أم سعد: أليس قد أمر الله بالبر؟ والله لا أطعم طعامًا، ولا أشرب شرابًا حتى أموت، أو تَكْفُر، قال: فكانوا إذا أرادوا أن يُطعموها شَجَروا فاها، فنزلت هذه الآية: {وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا} الآية، قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح.

ورُوي عن سعد أنه قال: كنت بارًّا بأمي، فأسلمتُ، فقالت: لتدعَنّ دينك، أو لا آكل، ولا أشرب، حتى أموت، فتُعَيَّر بي، ويقال: يا قاتل أمه، وبَقِيَتْ يومًا ويومًا، فقلت: يا أماه! لو كانت لك مائة نفس، فخرجت نفسًا نفسًا ما تركت ديني هذا، فإن شئت فَكُلي، وإن شئت فلا تأكلي، فلما رأت ذلك أكَلَتْ، ونزلت: {وَإِنْ جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي} الآية.

ثم أشار إلى الآية الأُولى بقوله:

(قَالَ: حَلَفَتْ أمّ سَعْدٍ) هي حمنة بنت سفيان بن أميّة بن عبد شمس بن عبد مناف بن قُصيّ، كما ذكرها ابن سعد في "الطبقات" (١). (أَنْ لَا تُكَلِّمَهُ)؛ أي: سعدًا (أَبَدًا، حَتَّى يَكْفُرَ بِدِينِهِ) دين الإسلام، (وَلَا تَأْكُلَ، وَلَا تَشْرَبَ، قَالَتْ) أمه (زَعَمْتَ أَنَّ اللهَ وَصَّاكَ بِوَالِدَيْكَ)؛ أي: أمَرك بالإحسان إليهما (وَأنَا أمُّكَ)؛ أي: فأحْسِن إليَّ بتنفيذ ما طلبته منك، (وَأنَا آمُرُكَ بِهَذَا)؛ أي: بالكفر بدينك. (قَالَ) سعد (مَكَثَتْ ثَلاثًا)؛ أي: ثلاث ليال، لا تأكل، ولا تشرب (حَتَّى غُشِيَ) بالبناء للمفعول، (عَلَيْهَا مِنَ الْجَهْدِ) بفتح الجيم، وضمّها؛ أي: المشقّة من الجوع والعطش، (فَقَامَ ابْن لَهَا، يُقَالُ لَهُ: عُمَارَةُ) هوأخو سعد، (فَسَقَاهَا، فَجَعَلَتْ تَدْعُو عَلَى سَعْدٍ) حيث حَمَلها على هذا الجَهْد، (فَأَنزَلَ اللهُ -عز وجل - فِي الْقُرْآنِ هَذِهِ الآيَةَ) هي آية العنكبوت ({وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا})؛ أي: أمرناه بأن يحسن إليهما إحسانًا، ({وَإِنْ جَاهَدَاكَ})؛ أي: كلّفاك ({لِتُشْرِكَ بِي}) {مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا} [العنكبوت: ٨]، (وَ) نزلت أيضًا (فِيهَا) آية لقمان، وفيها ({وَصَاحِبْهُمَا})


(١) "الطبقات الكبرى" ٣/ ١٣٧ و ٦/ ١٢.