للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

عَظْم الحَنَك، وهو الذي عليه الأسنان، وهو من الإنسان حيثُ ينبت الشعرُ، وهو أعلى وأسفلُ، وجمعه أَلْحٍ، ولُحيّ، مثلُ فَلْسٍ، وفُلُوسٍ، وأفلُسٍ (١). (فَضَرَبَنِي بِهِ) وهذا الذي حصل بين سعد، وبين الأنصاريّ إنما هو لمّا سكروا من شُرب الخمر، كما سيأتي في رواية شعبة بلفظ: "فانتشينا"؛ أي: سَكِرنا، والله تعالى أعلم. (فَجَرَحَ بِأنفِي)، وفي الرواية التالية: "فضرب به أنف سعد، ففزره، -أي: شقّه- وكان أنف سعد مفزورًا"؛ أي: مشقوقًا. (فَأَتيْتُ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-، فَأَخْبَرْتُهُ) بما حصل بينه وبين الأنصاريّ من الضرب، (فَأنزَلَ اللهُ -عز وجل- في -يَعْنِي: نَفْسَهُ- شَأْنَ الْخَمْرِ)؛ يعني: أن الله تعالى حرّمها بسبب تلك الواقعة. ({إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ})؛ أي: القمار ({وَالْأَنْصَابُ})؛ أي: الأصنام التي تُنصب، فتُعبد من دون الله تعالى، ({وَالْأَزْلَامُ})؛ أي: القِداح التي يستقسمون بها، كانت في البيت عند سدنة البيت، وخدام الأصنام، يأتي الرجل إذا أراد حاجة، فيقبض منها شيئًا، فإن كان عليه: أمرني ربي، خرج إلى حاجته على ما أحب، أو كره (٢). ({رِجْسٌ})؛ أي: خبيث مستقذَر، ({مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ} الآية [المائدة: ٩٠])؛ أي: مما يحمل الشيطان عليه، فكأنه عَمَله، وتمام الآية: {فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}، والضمير في "فاجتنبوه" للرجس، أو لعمل الشيطان، أو للمذكور، أو للمضاف المحذوف، كأنه قيل: إنما تعاطي الخمر والميسر، قال النسفيّ -رحمه الله- في "تفسيره": أكّد تحريم الخمر والميسر من وجوه، حيث صدّر الجملة بـ "إنما"، وقرنهما بعبادة الأصنام، ومنه الحديث: "شارب الخمر كعابد الوثن" (٣)، وجعلهما رجسًا من عمل الشيطان، ولا يأتي منه إلا الشرّ البحت، وأمَر بالاجتناب، وجعل الاجتناب من الفلاح، وإذا كان الاجتناب فلاحًا كان الارتكاب خسارةً. انتهى (٤).

[تنبيه]: لم يذكر في هذه الرواية الآية الرابعة، وستأتي، وهي آية: {وَلَا


(١) "المصباح المنير" ٢/ ٥٥١.
(٢) "تفسير القرطبيّ" ٦/ ٢٨٦.
(٣) صححه الشيخ الألبانيّ -رحمه الله- "الإيمان" لابن سلام (٩٦).
(٤) "تفسير النسفيّ" ١/ ٣٠٠.