للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أن المقداد إنما حضر بعد تلك الجولة، ويَحتمل أن يكون انفرادهما عنه في بعض المقامات، فقد روى مسلم من طريق ثابت، عن أنس: "قال: أُفرد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم أُحد في سبعة من الأنصار، ورجلين من قريش"، وكأن المراد بالرجلين طلحة وسعد، وكان المراد بالحصر المذكور في حديث الباب تخصيصه بالمهاجرين، فكأنه قال: لم يبق معه من المهاجرين غير هذين، وتعيّن حَمْله على ما أوّلته، وأن ذلك باعتبار اختلاف الأحوال، وأنهم تفرقوا في القتال، فلما وقعت الهزيمة فيمن انهزم، وصاح الشيطان: قُتل محمد، اشتَغَل كل واحد منهم بهمّه، والذب عن نفسه، كما في حديمثما سعد، ثم عَرَفوا عن قربِ ببقائه، فتراجموا إليه أوّلًا فأوّلًا، ثم بعد ذلك كان يندُبهم إلى القتال، فيشتغلون به.

وروى ابن إسحاق بإسناد حسن، عن الزبير بن العوام "قال: مال الرُّماة يوم أُحد يريدون النهب، فأُتينا من ورائنا، وصرخ صارخ: ألا إن محمدًا قد قتل، فانكفأنا راجعين، وانكفأ القوم علينا".

وسمى ابن إسحاق في "المغازي" بإسناد له أن جملة من استُشهِد من الأنصار الذين بَقُوا مع النبيّ - صلى الله عليه وسلم - يومئذ زياد بن السكن، قال: وبعضهم يقول: عمارة بن السكن، في خمسة من الأنصار، وعند ابن عائذ من موسل المطلب بن عبد الله بن حنطب: "أن الصحابة تفرقوا عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - يوم أُحد، حتى بقي معه اثنا عشر رجلًا من الأنصار".

وللنسائيّ، والبيهقيّ في "الدلائل" من طريق عمارة بن غَزِيّة، عن أبي الزبير، عن جابر: "قال: تفرَّق الناس عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - يوم أُحد، وبقي معه أحد عشر رجلًا من الأنصار، وطلحة"، وإسناده جيّد، وهو كحديث أنس، إلا أن فيه زيادة أربعة، فلعلهم جاؤوا بعد ذلك.

وعند محمد بن سعد أنه ثبت معه أربعة عشر رجلًا، سبعة من المهاجرين، منهم أبو بكر، وسبعة من الأنصار.

ويُجمَع بينه وبين حديث الباب بأن سعدًا جاءهم بعد ذلك، وأن المذكور من الأنصار استُشهدوا، كما في حديث أنس، فإن فيه عند مسلم: "فقال النبيّ - صلى الله عليه وسلم -: من يردّهم عنّا، وهو رفيقي في الجنة؟ فقام رجل من الأنصار … "،