للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فذكر أن المذكورين من الأنصار استُشهدوا كلهم، فلم يبق غير طلحة وسعد، ثم جاء بعدهم من جاء.

وأما المقداد فيَحْتَمِل أن يكون استمرّ مشتغلًا بالقتال.

وذكر الواقديّ في "المغازي" أنه ثَبَت يوم أُحد من المهاجرين سبعة: أبو بكر، وعليّ، وعبد الرحمن بن عوف، وسعد، وطلحة، والزبير، وأبو عبيدة، ومن الأنصار: أبو دُجانة، والحباب بن المنذر، وعاصم بن ثابت، والحارث بن الصِّمّة، وسهل بن حُنيف، وسعد بن معاذ، وأُسيد بن حُضير، وقيل: سعد بن عبادة، ومحمد بن مسلمة بَدَل الأخيرين، وإن ثَبَت حُمل على أنهم ثَبَتوا في الجملة، وما تقدم فيمن حضر عنده - صلى الله عليه وسلم - أوّلًا، فأوّلًا، والله أعلم. انتهى (١).

وقال القرطبيّ -رَحِمَهُ اللهُ-: قوله: "عن حديثهما" هذا من قول الراوي عن أبي عثمان، وهو: سليمان؛ ويعني به: أن أبا عثمان إنما حدَّث بثبوت طلحة وسعد عنهما، لا أنه شاهَدَ هو ثبوتهما، فإنَّه تابعيّ، لا صحابيّ، ولا أنه حدَّث بذلك عن غيرهما، بل عنهما، هما حدَّثاه بذلك، واتفق لطلحة في ذلك اليوم أن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- أُثقل بالجراح، وكان عليه درعان، فنهض ليصعد على صخرة كانت هنالك، فلم يستطع، فحنى طلحة ظهره لاصقًا بالأرض حتى صعد النبيّ - صلى الله عليه وسلم - على ظهره حتى رَقِي على الصخرة، فقال النبيّ - صلى الله عليه وسلم -: "أوجب طلحة" (٢)؛ أي: أوجب له ذلك الفعلُ الثوابَ الجزيلَ عند الله تعالى، والمنزلة الشريفة، وروى جابر عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "من سرَّه أن ينظر إلى شهيد يمشي على وجه الأرض، فلينظر إلى طلحة بن عبيد الله" (٣)، وقال النبيّ - صلى الله عليه وسلم -: "طلحة بن عبيد الله ممن قضى نَحْبه"؛ أي: ممن وفَّى بنذره، وقام بواجباته. انتهى (٤)، والله تعالى أعلم.


(١) "الفتح" ٩/ ١٣١ - ١٣٢، كتاب "المغازي" رقم (٤٠٦٠).
(٢) رواه أحمد ١/ ١٦٥، والترمذيّ رقم (١٦٩٢).
(٣) رواه الترمذيّ (٣٧٣٩)، وابن ماجه رقم (١٢٥).
(٤) "المفهم" ٦/ ٢٨٨ - ٢٨٩.