للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أنه قد نهى عن الصُّوَر، وهَتَك السِّتر الذي كانت فيه، وغضب عند رؤيته، كما تقدَّم في "اللباس". انتهى (١).

وقال النوويّ رحمه اللهُ: فيه أنه لا بأس بهذه الصُّوَر، وإنما يحرم تصوير الحيوان، وقال الخطابيّ: المرحَّل الذي فيه خطوط، ويقال: إنما سمّي مُرَحّلًا؛ لأن عليه تصاوير رَحْلٍ، أو ما يُشْبهه. انتهى (٢).

(مِنْ شَعْرٍ أَسْوَدَ) إنما قيّده بالأسود؛ لأن الشعر قد يكون أبيض، وفيه أنه -صلى الله عليه وسلم- لا رغبة له في فاخر الثياب في الدنيا، بل يَقْنَع بما يحصل به المقصود من ستر العورة، ونحوه.

(فَجَاءَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ) -رضي الله عنهما - (فَأَدْخَلَهُ)؛ أي: في ذلك المِرط، (ثُمَّ جَاءَ الْحُسَيْنُ) بن عليّ -رضي الله عنهما- (فَدَخَلَ مَعَهُ)، وفي بعض النسخ: "فأدخله معه"، (ثُمَّ جَاءَتْ فَاطِمَةُ) بنته -صلى الله عليه وسلم-رضي الله عنها- (فَأَدْخَلَهَا) معهما، (ثُمَّ جَاءَ عَلِيٌّ) -رضي الله عنه - (فَأَدْخَلَهُ) معهم.

(ثُمَّ قَالَ) -صلى الله عليه وسلم- ({إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ}) هذا تعليل لجميع ما تقدّم من الأوامر، والنواهي من قوله تعالى: {فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ} [الأحزاب: ٣٢] إلى هنا (٣)، بيّن الله سبحانه وتعالى أنه إنما نهاهنّ، وأمَرهنّ، ووعظهنّ؛ لئلا يقارف أهل بيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- المآثم، وليتصوّنوا عنها بالتقوى، واستعار للذنوب الرجس، وللتقوى الطُّهر؛ لأن عِرض المقترف للمقحمات يتلوّث بها كما يتلوّث بدنه بالأرجاس، وأما المحسنات فالعِرض منها نقيّ كالثوب الطاهر، وفيه تنفير أولي الألباب عن المناهي، وترغيب لهم في الأوامر، قاله النسفيّ (٤). {لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ} عبّر به؛ لأنه أريد الرجال والنساء من آل بيته بدلالة قوله: {وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا} [الأحزاب: ٣٣]. ({الرِّجْسَ}) قيل: هو الشكّ، وقيل: العذاب، وقيل: الإثم، قال الأزهريّ: الرجس اسم لكل مُستقذَر من عمل. انتهى (٥).

({أَهْلَ الْبَيْتِ}) نُصب على النداء، أو المدح، وفيه دليل على أن نساءه -صلى الله عليه وسلم-


(١) "المفهم" ٦/ ٣٠١ - ٣٠٢.
(٢) "شرح النوويّ" ١٤/ ٥٧ - ٥٨.
(٣) "حاشية الجمل على الجلالين" ٣/ ٤٣٦.
(٤) "تفسير النسفيّ" ٣/ ٣٠٢ - ٣٠٣.
(٥) "شرح النوويّ" ١٥/ ١٩٥.