للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ومنه قراءة أبي رجاء: {وَإِنْ كُلُّ ذَلِكَ لَمَّا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} [الزخرف: ٣٥]؛ أي: وإن كلُّ ذلك للذي هو متاع الحياة الدنيا، فحُذف من الصلة المبتدأ، وأبقي الخبر، ومنه قول الطِّرِمّاح بن حكيم [من الطويل]:

أَنَا ابْنُ أُبَاةِ الضَّيْمِ مِنْ آلِ مَالِكٍ … وَإِنْ مَالِكٌ كَانتْ كِرَامَ الْمَعَادِنِ

ومثله قول الآخر [من البسيط]:

إِنْ كُنْتُ قَاضِيَ نَحْبِي يَوْمَ بَيْنِكُمُ … لَوْ لَمْ تَمُنُّوا بِوَعْلٍ غَيْرَ تَوْدِيعِ

ومثله [من الطويل]:

أَخِي إِنْ عَلِمْتُ الْجُودَ لِلْحَمْدِ مُنْمِيًا … وَلِلْوُدِّ مُثْبِتًا وَللْمَالِ مُفْنِيَا

ومثله [من الخفيف]:

إِنْ وَجَدْتَ الْكَرِيمَ يَمْنَعُ أَحْيَا … نًا وَمَا إِنْ بِذَا يُعَدُّ بَخِيلَا

وقد أغفل النحويّون التنبيه على جواز حذف اللام عند الاستغناء عنها بكون الموضع غير صالح للنفي، وجعلوها عند ترك العمل لازمةً على الإطلاق؛ ليَجرِيَ البابُ على سَنَنٍ واحد، وحامِلهم على ذلك عدم الاطّلاع على شواهد السماع، فبيّنتُ إغفالهم، وأثبتُّ الاحتجاج عليهم، لا لهم، وأَزِيدُ على ذلك: أن اللام الفارقة إذا كان بعدما وَليَ "إن" نفي، واللَّبس مأمون، فحذفها واجبٌ؛ كقول الشاعر [من الطويل]:

إِنِ الْحَقُّ لَا يَخْفَى عَلَى ذِي بَصِيرَةٍ … وَإِنْ هُوَ لَمْ يَعْدَمْ خِلَافَ مُعَانِدِ

ومثله [من الطويل]:

أَمَا إِنْ عَلِمْتُ اللَّهَ لَيْسَ بِغَافِلٍ … لَهَانَ اصْطِبَارِي إِنْ بُلِيتُ بِظَالِمِ

وقد أشار ابن مالك إلى مجمل ما تقدّم في "الخلاصة" حيث قال:

وَخُفِّفَتْ "إِنَّ" فَقَلَّ الْعَمَلُ … وَتَلْزَمُ اللَّامُ إِذَا مَا تُهْمَلُ

وَرُبَّمَا اسْتُغْنِيَ عَنْهَا إِنْ بَدَا … مَا نَاطِقٌ أَرَادَهُ مَعْتَمِدَا

انتهى كلام ابن مالك رحمه اللهُ (١)، وهو بحثٌ مفيدٌ جدًّا، والله تعالى أعلم.


(١) "شواهد التوضيح لمشكلات الجامع الصحيح" ص ٥٠ - ٥٣.