للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الأثير: قيل: لم يُرِدْ عين الثريد، وإنما أراد الطعام المتخذ من اللحم والثريد معًا؛ لأن الثريد غالبًا لا يكون إلا من اللحم، والعرب قلّما تجد طبيخًا، ولا سيّما بلحم (١).

وقال القرطبي -رحمه الله-: وإنما كان الثريد أفضل الأطعمة ليسارة مؤنته، وسهولة إساغته، وعظيم بركته؛ ولأنه كان جلَّ أطعمتهم، وألذَّها بالنسبة لهم ولعوائدهم، وأما غيرهم فقد يكون غير الثريد عنده أطيب وأفضل، وذلك بحسب العوائد في الأطعمة، والله تعالى أعلم. انتهى (٢).

وقوله: (عَلَى سَائِرِ الطَّعَامِ")؛ أي: باقيه، قال ابن الأثير -رحمه الله-: والسائر مهموزًا: الباقي، والناس يستعملونه في معنى الجميع، وليس بصحيح، وقد تكررت في هذه اللفظة، في الحديث، وكلها بمعنى باقي الشيء. انتهى (٣).

وقال النوويّ -رحمه الله-: قوله: "كفضل الثريد على سائر الطعام" قال العلماء: معناه أن الثريد من كل طعام أفضل من المرق، فثريد اللحم أفضل من مرقه بلا ثريد، وثريد ما لا لحم فيه أفضل من مرقه، والمراد بالفضيلة: نَفْعه، والشِّبَع منه، وسهولة مساغه، والالتذاذ به، وتيسر تناوله، وتمكّن الإنسان من أخذ كفايته منه بسرعة، وغير ذلك، فهو أفضل من المرق كله، ومن سائر الأطعمة، وفضل عائشة على النساء زائد كزيادة فضل الثريد على غيره من الأطعمة، وليس في هذا تصريح بتفضيلها على مريم وآسية؛ لاحتمال أن المراد: تفضيلها على نساء هذه الأمة. انتهى (٤).

وقال الطيبيّ -رحمه الله-: لم يعطف عائشة -رضي الله عنها- على آسية، لكن أبرز الكلام في صورة جملة مستقلّة؛ تنبيهًا على اختصاصها بما امتازت به على سائرهنّ، ونحوُهُ في الأسلوب قوله -صلى الله عليه وسلم-: "حُبّب إليّ من الدنيا: الطيب، والنساء، وجُعلت قرّة عيني في الصلاة" (٥).

وقال التوربشتيّ -رحمه الله-: قيل: إنما مثّل الثريد؛ لأنه أفضل طعام العرب،


(١) "عمدة القاري" ١٥/ ٣٠٩.
(٢) "المفهم" ٦/ ٣٣٢.
(٣) "النهاية في غريب الأثر" ٢/ ٣٢٧.
(٤) "شرح النوويّ" ٥/ ١٩٩.
(٥) حديث صحيح، أخرجه أحمد، والنسائيّ، والحاكم.