للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وكذلك وقع له لمّا سَلَّم على عائشة لم يواجهها بالسلام، بل راسلها مع النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، وقد واجه مريم بالخطاب، فقيل: لأنها نبية، وقيل: لأنها لم يكن معها زوج يُحترم معه مخاطبتها.

قال السهيليّ: استدلّ بهذه القصة أبو بكر بن داود على أن خديجة أفضل من عائشة؛ لأن عائشة سلّم عليها جبريل من قِبَل نفسه، وخديجة أبلغها السلام من ربها.

وزعم ابن العربيّ أنه لا خلاف في أن خديجة أفضل من عائشة، وردّ بأن الخلاف ثابت قديمًا، وإن كان الراجح أفضلية خديجة بهذا، وبما تقدم، ومن صريح ما جاء في تفضيل خديجة ما أخرجه أبو داود، والنسائيّ، وصححه الحاكم، من حديث ابن عباس -رضي الله عنهما-، رفعه: "أفضل نساء أهل الجنة خديجة بنت خويلد، وفاطمة بنت محمد".

قال السبكيّ الكبير: لعائشة -رضي الله عنها- من الفضائل ما لا يحصى، ولكن الذي نختاره، وندين الله به أن فاطمة أفضل، ثم خديجة، ثم عائشة، واستدلّ لفضل فاطمة بما تقدم في ترجمتها أنها سيدة نساء المؤمنين.

قال الحافظ: وقال بعض من أدركناه: الذي يظهر أن الجمع بين الحديثين أَولى، وأن لا نفضّل إحداهما على الأخرى.

وسئل السبكي: هل قال أحد: إن أحدًا من نساء النبيّ -صلى الله عليه وسلم- غير خديجة وعائشة أفضل من فاطمة؟ فقال: قال به من لا يُعْتَدّ بقوله، وهو مَنْ فضّل نساء النبيّ -صلى الله عليه وسلم- على جميع الصحابة -رضي الله عنهم-؛ لأنهن في درجته في الجنة، قال: وهو قول ساقط مردود. انتهى.

قال الحافظ: وقائله هو أبو محمد بن حزم، وفساده ظاهر، قال السبكيّ: ونساء النبيّ -صلى الله عليه وسلم- بعد خديجة وعائشة متساويات في الفضل، وهنّ أفضل النساء؛ لقول الله تعالى: {يَانِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ} الآية [الأحزاب: ٣٢]، ولا يستثنى من ذلك إلا من قيل: إنها نبيةٌ، كمريم، والله أعلم.

ومما نبَّه عليه أنه وقع عند الطبرانيّ من رواية أبي يونس، عن عائشة؛