للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

٣ - (ومنها): ما قاله السهيليّ -رحمه الله- أيضًا: مناسبة نفي هاتين الصفتين -يعني: الصخب، والنصب- أنه -صلى الله عليه وسلم- لمّا دعا إلى الإسلام أجابت خديجة طوعًا، فلم تُحْوجه إلى رفع صوت، ولا منازعة، ولا تعب في ذلك، بل أزالت عنه كل نصب، وآنسته من كل وحشة، وهوّنت عليه كل عسير، فناسب أن يكون منزلها الذي بشّرها به ربها بالصفة المقابلة لِفعلها. انتهى (١).

٤ - (ومنها): ما نقله في "الفتح" عن السهيليّ أيضًا، قال: لِذِكر البيت معنى لطيف؛ لأنها كانت ربة بيت قبل المبعث، ثم صارت ربة بيت في الإسلام، منفردة به، فلم يكن على وجه الأرض في أول يوم بُعِث النبيّ -صلى الله عليه وسلم- بيت إسلام إلا بيتها، وهي فضيلة ما شاركها فيها أيضًا غيرها، قال: وجزاء الفعل يُذكر غالبًا بلفظه، وإن كان أشرف منه، فلهذا جاء في الحديث بلفظ البيت، دون لفظ القصر. انتهى.

قال: وفي ذِكر البيت معنى آخر؛ لأن مرجع أهل بيت النبيّ -صلى الله عليه وسلم- إليها؛ لِمَا ثبت في تفسير قوله تعالى: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا} [الأحزاب: ٣٣] قالت أم سلمة: "لمّا نزلت دعا النبيّ -صلى الله عليه وسلم- فاطمة، وعليًّا، والحسن، والحسين، فجلّلهم بكساء، فقال: اللَّهُمَّ هؤلاء أهل بيتي. . ." الحديث، أخرجه الترمذيّ، وغيره، ومرجع أهل البيت هؤلاء إلى خديجة؛ لأن الحَسَنَيْن من فاطمة، وفاطمة بنتها، وعليّ نشأ في بيت خديجة، وهو صغير، ثم تزوج بنتها بعدها، فظهر رجوع أهل البيت النبويّ إلى خديجة دون غيرها (٢).

٥ - (ومنها): ما قيل: يُستدلّ بهذا الحديث على فضل عائشة على خديجة -رضي الله عنها-، وتُعُقّب بأن ذلك ليس بلازمٍ؛ لأنه يحتمل أن يكون المراد من النساء في هذا الحديث نساء زمنها، وقال السبكيّ الكبير: الذي ندين الله به أن فاطمة أفضل، ثم خديجة، ثم عائشة، والخلاف شهير، ولكن الحقّ أحقّ أن يُتّبع، وقال ابن تيميّة: جهات الفضل بين خديجة وعائشَة متقاربة، وكأنه رأى


(١) "الفتح" ٨/ ٥٢٧، كتاب "مناقب الأنصار" رقم (٣٨٢٠).
(٢) "الفتح" ٨/ ٥٢٧، كتاب "مناقب الأنصار" رقم (٣٨٢٠).