وقوله:(أَرْسِلُوا بِهَا)؛ أي: بتلك الشاة، والظاهر أنه -صلى الله عليه وسلم- يُهديها بأكملها، لا يترك شيئًا في بيته، ويَحْتمل أن تكون الباء بمعنى "من"، كما قوله تعالى:{عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ}[الإنسان: ٦].
ويؤيّد هذا الاحتمال رواية البخاريّ بلفظ:"فيُهدي منها ما يسعهنّ"، والله تعالى أعلم.
وقوله:(إِلَى أَصْدِقَاءِ خَدِيجَةَ) بفتح الهمزة: جمع صَدِيق بفتح، فكسر، قال الفيّوميّ -رحمه الله-: الصَّدِيقُ: المُصَادِقُ، وهو بيِّنُ الصَّدَاقَةِ، واشتقاقها من الصِّدْق في الْوُدّ، والنُّصْح، والجمع أَصْدِقَاءُ، وامرأة صَدِيقٌ، وصَدِيقَةٌ أيضًا، ورجل صِدِّيقٌ - بالكسر، والتثقيل: ملازم للصدق. انتهى (١).
وفي رواية للبخاريّ:"وربما ذبح الشاةَ، ثمّ يقطّعها أعضاءً، ثم يبعثها في صدائق خديجة".
وقولها:(فَقُلْتُ: خَدِيجَةَ؟) بالنصب بفعل مقدّر؛ أي:"أتذكر خديجة؟ "، وفي رواية البخاريّ:"فربما قلت له: كأنه لم يكن في الدنيا امرأة إلا خديجة؟ فيقول: إنها كانت، وكانت، وكان لي منها ولد".
قولها:"إنها كانت، وكانت"؛ أي: كانت فاضلةً، وكانت عاقلةً، ونحو ذلك، وعند أحمد من حديث مسروق، عن عائشة:"آمنت بي إذ كفر بي الناس، وصدقتني إذ كذّبني الناس، وواستني بمالها إذ حَرَمني الناس، ورزقني الله ولدها إذ حرمني أولادَ النساء".
وقوله:"وكان لي منها ولد" وكان جميع أولاد النبيّ -صلى الله عليه وسلم- من خديجة إلا إبراهيم، فإنه كان من جاريته مارية، والمتفق عليه من أولاده منها القاسم، وبه كان يُكْنَى، مات صغيرًا قبل المبعث، أو بعده، وبناته الأربع: زينب، ثم رقية، ثم أم كلثوم، ثم فاطمة، وقيل: كانت أم كلثوم أصغر من فاطمة، وعبد الله، وُلِد بعد المبعث، فكان يقال له: الطاهر، والطيب، ويقال: هما أخوان له،