للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(المسألة الثالثة): في فوائده:

١ - (منها): بيان كمال حُسن عشرة النبيّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، حيث كان يُقرع بين نسائه، وإن لَمْ يكن القسم واجبًا؛ على الراجح؛ لقوله -عَزَّ وَجَلَّ-: {تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشَاءُ وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكَ} الآية [الأحزاب: ٥١].

٢ - (ومنها): بيان ما جُبل عليه النساء من شدّة الغيرة؛ لأنه ما حمل حفصة على ذلك إلَّا غَيْرتها من حديثه -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مع عائشة في الليل.

٣ - (ومنها): أنه استُدِل به على مشروعية القُرعة في القسمة بين الشركاء، وغير ذلك، والمشهور عن الحنفية، والمالكية عدم اعتبار القرعة، قال القاضي عياض: هو مشهور عن مالك وأصحابه؛ لأنه من باب الْخَطَر والقمار، وحُكِي عن الحنفية إجازتها. انتهى، وقد قالوا به في مسألة الباب.

واحتج مَن مَنَع مِن المالكية بأن بعض النسوة قد تكون أنفع في السفر من غيرها، فلو خرجت القرعة للتي لا نفع بها في السفر لأضرّ بحال الرجل، وكذا بالعكس قد يكون بعض النساء أقْوَم ببيت الرجل من الأخرى.

وقال القرطبيّ: ينبغي أن يختلف ذلك باختلاف أحوال النساء، وتختص مشروعية القرعة بما إذا اتفقت أحوالهنّ؛ لئلا تخرج واحدة معه، فيكون ترجيحًا بغير مرجح. انتهى.

وفيه مراعاة للمذهب، مع الأمن من ردّ الحديث أصلًا؛ لِحَمْله على التخصيص، فكأنه خصص العموم بالمعني، قاله في "الفتح" (١).

قال الجامع عفا الله عنه: الحقّ قول من قال بمشروعيّة القرعة في الأشياء المشتركة؛ لصحة حديث الباب، فتبصّر بالإنصاف، والله تعالى أعلم.

٤ - (ومنها): أنه استَدَلّ به المهلَّب على أن القَسْم لَمْ يكن واجبًا على النبيّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-؛ لأنه لو كان واجبًا عليه لَحَرُم على حفصة ما فعلت في تبديل بعيرها ببعير عائشة.

ورُدّ عليه ذلك (٢)؛ لأنَّ القائل بوجوب القسمة عليه لا يمنع من حديث


(١) "الفتح" ٦٥٢ - ٦٥٣، كتاب "النكاح" رقم (٥٢١١).
(٢) وقال في "الفتح": استَدَلّ به المهلب على أن القسم لم يكن واجبًا على النبيّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، =