للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

عائشة، فناجاني، فبكيت، ثم ناجاني، فضحكت، فسألتني عائشة عن ذلك، فقلت: لقد علمت، أأُخبرك بسرّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فتركتني، فلما تُوفي سألت، فقلت: ناجاني. . . فذكر الحديث في معارضة جبريل له بالقرآن مرتين، وأنه قال: "أحسب أني ميت في عامي هذا، وأنه لم ترزأ امرأة من نساء العالمين مثل ما رزئت، فلا تكوني دون امرأة منهنّ صبرًا"، فبكيت، فقال: "أنت سيدة نساء أهل الجنة إلا مريم"، فضحكتُ، قلت (١): وأصل الحديث في "الصحيح" دون هذه الزيادة. انتهى (٢).

وقال القرطبيّ -رحمه الله-: فاطمة سيدة نساء العالمين -رضي الله عنها-، وقد اختُلف في أصغر بنات رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، قال أبو عمر: والذي تسكن النفس إليه أن زينب هي الأُولى، ثم رقية، ثم أم كلثوم، ثم فاطمة، وُلدت لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- سنة إحدى وأربعين من مولده -صلى الله عليه وسلم-، وتزوجها عليّ -رضي الله عنها- بعد وقعة أُحد، وقيل: بعد أن ابتنى النبيّ -صلى الله عليه وسلم- بعائشة -رضي الله عنها- بأربعة أشهر ونصف شهر، وبنى بها عليٌّ بعد تزويجها بسبعة أشهر ونصف، وكان سِنُّها يوم تزوجها -رضي الله عنها- خمس عشرة سنة وخمسة أشهر ونصفًا، وسِنُّ علي يومئذ إحدى وعشرون سنة وستة أشهر، فوَلَدت له الحسن والحسين، وأم كلثوم، وزينب، وتوفيت بعد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بيسير، قيل: بثمانية أشهر، وقيل: بستة أشهر، وقيل: بثلاثة أشهر، وقيل: بسبعين يومًا، وقيل: بمائة يوم، وهي أحبُّ بناتِ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إليه، وأكرمهنّ عنده، وسيدة نساء أهل الجنة على ما تقدَّم في باب خديجة، وكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا قدم من سفر يبدأ بالمسجد، فيصلِّي فيه، ثم يبدأ ببيت فاطمة، فيسأل عنها، ثم يدور على سائر نسائه، إكرامًا لها، واعتناء بها، وهي أوَّل من سُتِر نعشُها في الإسلام، وذلك أنها لمّا احتُضِرت قالت لأسماء بنت عُميس: إني قد استقبحتُ ما يُفْعَلُ بالنساء؛ إنه يُطْرَحُ على المرأة الثوبُ يصفها، فقالت أسماء: يا بنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ألا أريكِ شيئًا رأيتُه في الحبشة؟! فدعت بجرائد رطبةٍ، فَحَنَتْها، ثم طرحت عليها ثوبًا، فقالت فاطمة: ما أحسن هذا، وأجمله، تُعرف


(١) القائل هو: الحافظ -رحمه الله-.
(٢) "الفتح" ٨/ ٤٧٤، كتاب "فضائل الصحابة" رقم (٣٧٦٧).