للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

عَلَيْهَا حَافِظٌ (٤)} [الطارق: ٤]، فيمن شَدّد الميم، وعلى الماضي لفظًا لا معنى، نحو: أنشدك الله لَمّا فعلت؛ أي: ما أسألك إلَّا فعلك، وهنا أيضًا المعنى: لا أسألك إلَّا إخبارك بما سارّك رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، أفاده في "العمدة" (١).

(فَقَالَتْ: أَمَّا الآنَ) قال الفيّوميّ - رَحِمَهُ اللهُ -: "الآنَ": ظرف للوقت الحاضر الذي أنت فيه، ولَزِم دخول الألف واللام، وليس ذلك للتعريف؛ لأنَّ التعريف تمييز المشترِكات، وليس لهذا ما يَشْرَكه في معناه، قال ابن السرّاج: ليس هو آن وآن، حتى يَدخل عليه الألف واللام للتعريف، بل وُضع مع الألف واللام للوقت الحاضر، مثل الثريّا، والذي، ونحو ذلك. انتهى (٢).

قال الجامع عفا الله عنه: قد أشار ابن مالك - رَحِمَهُ اللهُ - إلى هذا في "الخلاصة" حيث قال:

وَقَدْ تُزَادُ لَازِمًا كَـ "اللَّاتِ". . . و"الآنَ" و"الَّذِينَ" ثُمَّ "اللات"

(فَنَعَمْ، أَمَّا حِينَ سَارَّنِي فِي الْمَرَّةِ الأُولَى، فَأَخْبَرَنِي "أَنَّ جِبْرِيلَ كَانَ يُعَارِضُهُ الْقُرْآنَ) من المعارضة، وهي المقابلة، ومنه عارضت الكتاب بالكتاب؛ أي: قابلت به (٣). (فِي كُلِّ سَنَةٍ مَرَّةً، أَو مَرَّتَيْنِ) "أو" هنا للشكّ من الراوي، ووقع في الرواية التالية من طريق زكريّاء عن فراس بلفظ: "أن جبريل كان يعارضه بالقرآن كل عام مرّة" دون شكّ، وهو الصواب.

قال النوويّ - رَحِمَهُ اللهُ -: قوله: "مرّةً، أو مرّتين" هكذا وقع في هذه الرواية، وذِكر المرتين شكّ من بعض الرواة، والصواب حذفها، كما في باقي الروايات. انتهى (٤).

(وَإِنَّهُ عَارَضَهُ الآنَ مَرَّتَيْنِ) قال القرطبيّ - رَحِمَهُ اللهُ -: كون جبريل يعارض النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بالقرآن كل سنة مرَّة يدلّ على استحباب عرض القرآن على الشيوخ، ولو مرَّة في السَّنة، ولمّا عارضه في آخر سنة مرتين استَدَلّ النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بذلك على قُرب أجله من حيث مخالفة العادة المتقدِّمة، والله تعالى أعلم.

قال: وكان النبيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَثُر عليه الوحي في أواخر حياته حتى كثر عليه


(١) "عمدة القاري" ٢٢/ ٢٦٦.
(٢) "المصباح المنير" ١/ ٣١.
(٣) "عمدة القاري" ١٦/ ١٥٤.
(٤) "شرح النوويّ" ٦/ ١٦.