للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

والأيمان الكاذبة، واختلاط الأصوات، وغير ذلك بمعركة الحرب، وبمن يُصْرَع فيها. انتهى (١).

وقال النوويّ - رَحِمَهُ اللهُ -: قال أهل اللغة: المعركة بفتح الراء: موضع القتال؛ لمعاركة الأبطال بعضهم بعضًا فيها، ومصارعتهم، فشَبَّه السوق، وفعلَ الشيطان بأهلها، ونيلَه منهم بالمعركة؛ لكثرة ما يقع فيها من أنواع الباطل؛ كالغشّ، والخداع، والأيمان الخائنة، والعقود الفاسدة، والنجش، والبيع على بيع أخيه، والشراء على شرائه، والسوم على سومه، وبخس المكيال والميزان. انتهى (٢).

(وَبِهَا)؛ أي: بالسوق، (يَنْصِبُ) بكسر الصاد المهملة، من باب ضرب؛ أي: يرفع (رَايَتَهُ) قال الفيّوميّ - رَحِمَهُ اللهُ -: الراية: عَلَمُ الجيش، يقال: أصلها الهمز، لكن العرب آثرت تَرْكه تخفيفًا، ومنهم من يُنكر هذا القول، ويقول: لَمْ يُسمع الهمز، والجمع: رايات. انتهى (٣).

وقال النوويّ - رَحِمَهُ اللهُ -: قوله: "وبها ينصب رايته" إشارة إلى ثبوته هناك، واجتماع أعوانه إليه؛ للتحريش بين الناس، وحَمْلهم على هذه المفاسد المذكورة، ونحوها، فهي موضعه، وموضع أعوانه. انتهى (٤).

وقال ابن الأثير - رَحِمَهُ اللهُ -: المعركة، والمعترك: موضع القتال؛ أي: موطن الشيطان، ومحله الذي يأوي إليه، ويكثر منه؛ لِمَا يجري فيه من الحرام، والكذب، والربا، والغصب، ولذلك قال: "وبها ينصب رايته" كنايةً عن قوّة طمعه في إغوائهم؛ لأنَّ الرايات في الحروب لا تُنصب إلَّا مع قوّة الطمع في الغلبة، وإلا فهي مع اليأس تُحَطّ، ولا تُرفع. انتهى (٥).

(قَالَ) أبو عثمان النهديّ: (وَأُنْبِئْتُ) بالبناء للمجهول، وسيأتي في آخر الحديث أن الذي أنبأه هو أسامة بن زيد - رضي الله عنهما -. (أَنَّ جِبْرِيلَ - عَلَيْهِ السَّلَام - أَتَى نَبِيَّ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَعِنْدَهُ أُمُّ سَلَمَةَ) جملة في محل نصب على الحال. (قَالَ) الذي أنبأ أبا عثمان، وهو أسامة، وليس في "البخاريّ" لفظ "قال". (فَجَعَلَ)؛ أي: شرع وأخذ


(١) "المفهم" ٦/ ٣٥٨ - ٣٥٩.
(٢) "شرح النوويّ" ١٦/ ٧.
(٣) "المصباح المنير" ١/ ٢٤٦.
(٤) "شرح النوويّ" ١٦/ ٧.
(٥) "النهاية في غريب الأثر" ٣/ ٢٢٢.