للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الذي يليق بمساق الخبر؛ لأنَّ معناه ليس مما يُدرك بالرأي والقياس، وإنما يُدرك بالوحي، وأخرجه الإمام أبو بكر الْبَرْقانيّ في كتابه مسندًا عن أبي محمد عبد الغني بن سعيد الحافظ، من رواية عاصم، عن أبي عثمان النهديّ، عن سلمان، قال: قال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "لَّا تكن أوَّل من يدخل السوق، ولا آخر من يخرج منها؛ فإنَّها معركة الشيطان، فيها باض الشيطان، وفرَّخ". انتهى (١).

قال الجامع عفا الله عنه: نصّ أبي بكر البزّار - رَحِمَهُ اللهُ - في "مسنده":

(٢٥٤١) - حَدَّثَنَا القاسم بن محمد، قال: أخبرنا محمد بن فضيل، عن عاصم الأحول، عن أبي عثمان، عن سلمان - رضي الله عنه -، عن النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "لا تكوننّ إن استطعت أول من يدخل السوق، ولا آخر من يخرج منها، فإنها معركة الشيطان، وبها ينصب رايته". انتهى (٢).

وهذا إسناد صحيح، رجاله رجال الصحيح، إلَّا شيخ البزّار، فلم أعرفه، فتصحيح رَفع الحديث فيه نَظَر لا يخفى، بل هو موقوف، كما أخرجه مسلم هنا، فتنبّه، والله تعالى أعلم.

وقوله: (إِنِ اسْتَطَعْتَ) جملة معترضة بين "تكوننّ" وخبرها، وهو قوله: (أَوَّلَ مَنْ يَدْخُلُ السُّوقَ) بضمّ السين المهملة، يذكّر، ويؤنّث، وقال أبو إسحاق: السُّوق التي يباع فيها مؤنّثة، وهو أفصح، وأصحّ، وتصغيرها سُويقة، والتذكير خطأٌ؛ لأنه يقال: سُوقٌ نافقةٌ، ولم يُسمع ساقٌ نافقٌ بغير هاء، والنسبة إليها سوقيّ على لفظها (٣).

وقال النوويّ - رَحِمَهُ اللهُ -: والسوق تؤنّث، وتذكّر، سُمّيت بذلك؛ لقيام الناس فيها على سُوقهم (٤).

(وَلَا آخِرَ مَنْ يَخْرُجُ مِنْهَا، فَإِنَّهَا)؛ أي: السوق"، (مَعْرَكَةُ الشَّيْطَانِ) قال القرطبيّ - رَحِمَهُ اللهُ -: المعركة: موضع القتال، سُمِّي بذلك لتعارك الأبطال فيه، ومصارعة بعضهم بعضًا، فشبّه السوقَ، وفعلَ الشيطان بأهلها، ونيله منهم بما يَحملهم عليه من المكر، والخديعة، والتساهل في البيوع الفاسدة، والكذب،


(١) "المفهم" ٦/ ٣٥٨.
(٢) "مسند البزار" ٦/ ٥٠٢.
(٣) "المصباح المنير" ١/ ٢٩٦.
(٤) "شرح النوويّ" ١٦/ ٧ - ٨.