(فَقَالَ) أنس: (ثُمَّ تَصَنَّعَتْ لَهُ)؛ أي: تزيّنت، وتعطّرت لأبي طلحة، حتى يُصيب منها حاجته، (أَحْسَنَ مَا كَانَ تَصَنَّعُ قَبْلَ ذَلِكَ، فَوَقَعَ بِهَا)؛ أي: جامعها، (فَلَمَّا رَأَتْ أَنَّهُ قَدْ شَبع)؛ أي: من الطعام؛ لأنه كان جائعًا بسبب صومه، (وَأَصَابَ مِنْهَا)؛ أي: شهوته، (قَالَتْ) ممهدّة لإخباره بموت ابنه بطريقة حسنة: (يَا أَبَا طَلْحَةَ، أَرَأَيْتَ)؛ أي: أخبرني (لَوْ أَنَّ قَوْمًا أَعَارُوا عَارِيتَهُمْ أَهْلَ بَيْتٍ)؛ أي: جيرانهم، كما في رواية أخرى، (فَطَلَبُوا عَارِيتَهُمْ، أَلَهُمْ أَنْ يَمْنَعُوهُمْ؟)؛ أي: عاريتهم، (قَالَ) أبو طلحة: (لَا) يحلّ لهم منعهم، (قَالَتْ) أم سُليم: (فَاحْتَسِبِ ابْنَكَ)؛ أي: ادّخر ثوابه عند الله تعالى، وفي رواية:"فقالت: يا أبا طلحة أرأيت قومًا أعاروا متاعًا، ثم بدا لهم فيه، فأخذوه، فكأنهم وجدوا في أنفسهم"، وفي رواية:"فأبوا أن يردّوها، فقال أبو طلحة: ليس لهم ذلك، إن العارية مؤدّاةٌ إلى أهلها، فقالت: إن الله أعارنا فلانًا، ثم أخذه منا، فاسترجَعَ".
(قَالَ) أنس: (فَغَضِبَ) أبو طلحة (وَقَالَ: تَرَكْتِنِي حَتَّى تَلَطَّخْتُ، ثُمَّ أَخْبَرْتِنِي بِابْنِي)؛ أي: بموته، (فَانْطَلَقَ)؛ أي: ذهب أبو طلحة (حَتَّى أَتَى رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَأَخْبَرَهُ بمَا كَانَ)؛ أي: بما جرى بينه وبين أم سُليم، (فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "بَارَكَ اللهُ لَكُمَا فِي غَابِرِ لَيْلَتِكُمَا")؛ أي: في ماضيها، والغابر يُطلق على الماضي، والمستقبل، والمراد هنا الأول، وفي رواية البخاريّ:"لعل الله أن يبارك لكما في ليلتكما"، وفي رواية أنس بن سيرين:"اللَّهُمَّ بارك لهما"، قال في "الفتح": ولا تعارض بينهما، فيُجمع بأنه دعا بذلك، ورجا إجابة دعائه، ولم تختلف الرواة عن ثابت وكذا عن حميد في أنه قال:"بارك الله لكما في ليلتكما"، وعُرف من رواية أنس بن سيرين أن المراد الدعاء، وإن كان لَفْظه لَفْظ الخبر، وفي رواية أنس بن سيرين من الزيادة:"فولدت غلامًا"، وفي رواية عبد الله بن عبد الله:"فجاءت بعبد الله بن أبي طلحة".
(قَالَ) أنس: (فَحَمَلَتْ) أم سُليم من جماع تلك الليلة؛ لاستجابة دعوة النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لهما في ذلك.