للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الحسن بن إسماعيل، عن عبدة بن سليمان، عنه، عن أبي إسحاق، عن هُبيرة بن يَرِيم، عن ابن مسعود، فإن كان محفوظًا احتَمَل أن يكون للأعمش فيه طريقان، وإلا فإسحاق، وهو ابن راهويه أتقن من الحسن بن إسماعيل، مع أن المحفوظ عن أبي إسحاق فيه ما أخرجه أحمد، وابن أبي داود، من طريق الثوريّ وإسرائيل وغيرهما، عن أبي إسحاق، عن خُمَير -بالخاء المعجمة، مصغرًا- عن ابن مسعود، فحصل الشذوذ في رواية الحسن بن إسماعيل في موضعين. انتهى (١).

(عَنْ عَبْدِ اللهِ) بن مسعود -رضي الله عنه -؛ (أنَّهُ قَالَ: {وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} [آل عمران: ١٦١]) قال النوويّ -رحمه الله -: فيه محذوف، وهو مختصر مما جاء في غير هذه الرواية، معناه: أن ابن مسعود كان مصحفه يخالف مصحف الجمهور، وكانت مصاحف أصحابه كمصحفه، فأنكر عليه الناس، وأمروه بترك مصحفه، وبموافقة مصحف الجمهور، وطلبوا مصحفه أن يحرّقوه، كما فعلوا بغيره، فامتَنَعَ، وقال لأصحابه: غُلُّوا مصاحفكم؛ أي: اكتموها، {وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ}؛ يعني: فإذا غللتموها جئتم بها يوم القيامة، وكفى لكم بذلك شرفًا، ثم قال على سبيل الإنكار: ومن هو الذي تأمرونني أن آخذ بقراءته، وأترك مصحفي الذي أخذته من في رسول الله -صلى الله عليه وسلم -؟ انتهى (٢).

وقال القرطبيّ -رحمه الله -: قال القاضي أبو الفضل: هذا الحديث في مسلم مختصر، مبتور، إنما ذكر منه أطرافًا لا تشرح مقصد الحديث، وبيانه في سياق آخر، ذكره ابن أبي خيثمة بسنده إلى أبي وائل، وهو شقيق، راوي الحديث في مسلم؛ قال: لمّا أُمر في المصاحف بما أُمر؛ يعني: أمر عثمان بتحريقها ما عدا المصحف المجتمَع عليه الذي وجَّه منه النّسخ إلى الآفاق، ورأى هو والصحابة -رضي الله عنهم - أن بقاء تلك المصاحف يُدخل اللَّبس والاختلاف، ذكر ابن مسعود الغلول، وتلا الآية، ثم قال: غلُّوا المصاحف، إني غالٌّ مصحفي، فمن استطاع أن يَغلَّ مصحفه فليفعل، فإنَّ الله تعالى يقول: {وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ


(١) "الفتح" ١١/ ٢٢٥، كتاب "فضائل القرآن" رقم (٥٠٠٠).
(٢) "شرح النوويّ" ١٦/ ١٦.