يَوْمَ الْقِيَامَةِ} [آل عمران: ١٦١]، ثم قال: على قراءة من تأمروني أن أقرأ؟؛ على قراءة زيد بن ثابت؛ لقد أخذت القرآن من في رسول الله -صلى الله عليه وسلم - بضعًا وسبعين سورة، وزيد بن ثابت له ذؤابتان يَلعب مع الغلمان، وفي أخرى: صبي من الصبيان، فتمام هذا الحديث يُظهر كلام عبد الله.
وقوله:"غُلُّوا مصاحفكم. . ." إلى آخره؛ أي: اكتموها، ولا تُسَلِّموها، والتزموها إلى أن تلقوا الله تعالى بها، كما يفعل مَن غَلّ شيئًا، فإنه يأتي به يوم القيامة، ويحمله، وكان هذا رأيًا منه رآه، انفرد به عن الصحابة -رضي الله عنهم -، ولم يوافقه أحد منهم عليه، فإنَّه كتم مصحفه، ولم يُظهره، ولم يَقْدر عثمان ولا غيره عليه أن يظهره، وانتشرت المصاحف التي كتبها عثمان، واجتمع عليها الصحابة في الآفاق، وقرأ المسلمون عليها، وتُرك مصحف عبد الله، وخُفِيَ إلى أن وُجد في خزائن بني عبيد بمصر عند انقراض دولتهم، وابتداء دولة المعزّ، فأمر بإحراقه قاضي القضاة بها صدر الدين، على ما سمعناه من بعض مشايخنا، فأُحرق. انتهى (١).
(ثُمَّ قَالَ) ابن مسعود -رضي الله عنه -: (عَلَى قِرَاءَةِ مَنْ تَأْمُرُوني) وفي نسخة: "تأمرونني"، و"على قراءة" متعلّق بـ "أقرأ"، و"قراءة" مضاف، و"من" استفهامية مضاف إليها؛ أي: على قواءة أيِّ شخص تأمروني (أَنْ أَقْرَأَ؟) هذا إنكار منه على الناس الذين أمروه أن يقرأ بمصحف عثمان -رضي الله عنه -.
وقال القرطبيّ -رحمه الله -: قوله: "على قراءة من تأمروني أن أقرأ؟ " إنكار منه على من يأمره بترك قراءته، ورجوعه إلى قراءة زيد، مع أنه سابق له إلى حفظ القرآن، وإلى أَخْذه عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم -، فصَعُب عليه أن يترك قراءة قرأها على رسول الله -صلى الله عليه وسلم -، ويقرأ بما قرأه زيد، أو غيره، فتمسَّك بمصحفه، وقراءته، وخفي عليه الوجه الذي ظهر لجميع الصحابة -رضي الله عنهم - من المصلحة التي هي من أعظم ما حَفِظ الله بها القرآن عن الاختلاف المخلّ به، والتغيير بالزيادة والنقصان.
وقد تقدَّم القول في الأحرف السبعة، وفي كيفية الأمر بذلك، وكان من