قال الجامع عفا الله عنه: هكذا قال في "الفتح"، ولكن الموجود في النُّسخ التي بين أيدينا من "صحيح مسلم": "عن عبد الله"، فقط، ولعلّ نسخة الحافظ كما قال، والله تعالى أعلم.
(قَالَ: وَالَّذِي لَا إِلَهَ غَيْرُهُ) وفي رواية جرير، عن الأعمش، عند ابن أبي داود:"قال عبد الله لَمّا صُنِع بالمصاحف ما صنع: والله … إلخ". (مَا) نافية (مِنْ كِتَاب اللهِ) الجارّ والمجرور بيان مقدّم لقوله: (سُورَةٌ إِلَّا أنَا أَعْلَمُ حَيْثُ نَزَلَتْ)؛ أَي: المكان الذي أُنزلت فيه، (وَمَا) نافية أيضًا، (مِنْ آيَةٍ)"من" زائدة للتوكيد، (إِلَّا أنا أَعْلَمُ فِيمَا أُنْزِلَتْ)"ما" موصولة؛ أي: في الأمر الذي أُنزلت من أجله، وفي رواية عند البخاريّ:"فيمن نزلت" أي: في الشخص الذي نزلت من أجله، (وَلَوْ أَعْلَمُ أَحَدًا هُوَ أَعْلَمُ بِكِتَابِ اللهِ مِنِّي تَبْلُغُهُ) في رواية للبخاريّ: "تبلغنيه"(الابِلُ لَرَكِبْتُ إِلَيْهِ) تقدم في الحديث الماضي بلفظ: "لرحلت إليه"، ولأبي عبيدة من طريق ابن سيرين:"نُبِّئت أن ابن مسعود قال: لو أعلم أحدًا تُبلغنيه الإبل، أحدثُ عهدًا بالعرضة الأخيرة مني لأتيته، أو قال: لتكلفت أن آتيه"، وكأنه احترز بقوله:"تبلغنيه الإبل" عمن لا يَصِل إليه على الرواحل، إما لكونه كان لا يركب البحر، فقيَّد بالبرّ، أو لأنه كان جازمًا بأنه لا أحد يفوقه في ذلك من البشر، فاحترز عن سكّان السماء.
وفي الحديث جواز ذِكر الإنسان نفسه بما فيه من الفضيلة بقدر الحاجة، ويُحْمَل ما ورد من ذمّ ذلك على من وقع ذلك منه فخرًا أو إعجابًا (١)، والله تعالى أعلم.
مسألتان تتعلّقان بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): حديث عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه - هذا متّفقٌ عليه.
(المسألة الثانية): في تخريجه:
أخرجه (المصنّف) هنا [٢٢/ ٦٣١٣](٢٤٦٣)، و (البخاريّ) في "فضائل القرآن"(٥٥٠٢)، و (الطبرانيّ) في "الكبير"(٩/ ٧٣)، و (البزّار) في
(١) "الفتح" ١١/ ٢٢٩، كتاب "فضائل القرآن" رقم (٥٠٠٢).