للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

كافرًا. (فَبَدَأَ) - صلى الله عليه وسلم - (بِهِ)؛ أي: بابن مسعود قبل الثلاثة؛ تنويهًا بفضله، وإشادة برفعة درجته، (وَمُعَاذِ بْنِ جَبَلِ) بن عمرو بن أوس الأنصاريّ الخزرجيّ، وقال القرطبيّ -رحمه الله -: هو معاذ بن جبل بن أوس الأنصاريّ الخزرجيّ، يُكنى: أبا عبد الرحمن، قيل: بولد كان له كَبُر إلى أن قاتل مع أبيه في اليرموك، ومات بالطاعون قبل أبيه بأيام، على ما ذكره محمد بن عبد الله الأزديّ البصريّ في "فتوح الشام" وغيره. وقال الواقديّ: إنه لم يولد لمعاذ قط، وقاله المدائنيّ. أسلم معاذ، وهو ابن ثماني عشرة سنة، وشهد العقبة مع السبعين، وشهد بدرًا، وجميع المشاهد، وولَّاه رسول الله -صلى الله عليه وسلم - على عمل من أعمال اليمن، وخرج معه النبيّ -صلى الله عليه وسلم - مودِّعًا ماشيًا، ومعاذ راكبًا، منعه من أن ينزل، وقال فيه - صلى الله عليه وسلم -: "أعلمكم بالحلال والحرام معاذ". وقال: "إنه يسبق العلماء يوم القيامة رتوة (١) بحجر"، وقال فيه ابن مسعود: إنه كان أمة قانتًا لله، وقال: الأمة: هو الذي يعمّ الناس الخير، والقانت: هو المطيع لله -عز وجل -، وكان عابدًا، مجتهدًا، وَرِعًا، محققًا، كان له امرأتان، فإذا كان يوم إحداهما: لم يشرب من بيت الأخرى، وماتتا بالطاعون في وقت واحد، فحَفَر لهما حفرة، فأسهم بينهما أيتهما تُقدَّم في القبر، وكان مجاب الدعوة؛ لمّا كان طاعون عمواس -وعمواس قرية من قرى الشام، وكأنها إنما نُسب الطاعون إليها؛ لأنَّه أول ما نزل فيها - فقال بعض الناس: هذا عذاب، فبلغ ذلك معاذًا فأنكر ذلك، وخطب فقال: أيها الناس! إن هذا الوجع رحمةُ ربكم ودعوة نبيكم، وموت الصالحين قبلكم. اللَّهُمَّ آت آل معاذ من هذه الرحمة النصيب الأوفى. فما أمسى حتى طُعِن ابنه عبد الرحمن، وماتت زوجتاه، ثم طُعِن من الغد مِن دَفْن وَلَده، فاشتد وجعه فمات منه، وذلك في سنة سبع عشرة، وقيل: سنة ثمان عشرة، وسنُّه يومئذ ثمان وثلاثون سنة، وقيل: ثلاث وثلاثون سنة، رُوي عنه من الحديث: مائة حديث، وسبعة وخمسون حديثًا، أخرج له منها في "الصحيحين" ستة أحاديث. انتهى (٢).

قال الجامع عفا الله عنه: تقدّمت ترجمة معاذ -رضي الله عنه - في "الإيمان" ٧/ ١٣٠، وإنما أعَدْتها لطول العهد بها، فتنبّه.


(١) "الرتوة": الرمية.
(٢) "المفهم" ٦/ ٣٧٦ - ٣٧٧.