للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

شرح الحديث:

(عَنْ قَتَادَةَ) بن دِعامة السَّدوسيّ، وفي رواية للبخاريّ من طريق همّام، قال: حدّثنا قتادة، قال: "سألت أنس بن مالك -رضي الله عنه -: مَنْ جَمَع القرآن على عهد النبيّ -صلى الله عليه وسلم -؟. . ." (قَالَ) قتادة: (سَمِعْتُ أَنَسًا) -رضي الله عنه - (يَقُولُ)؛ أي: جوابًا لسؤال قتادة المذكورة آنفًا: (جَمَعَ الْقُرْآنَ)؛ أي: استظهره حفظًا (عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -)؛ أي: زمانه، وحياته - صلى الله عليه وسلم -، (أَرْبَعَةٌ) قال في "الفتح": وليس في هذا ما يعارض حديث عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما -: "استقرئوا القران من أربعة"، فذكر اثنين من الأربعة، ولم يذكر اثنين؛ لأنه إما أن يقال: لا يلزم من الأمر بأخذ القراءة عنهم أن يكونوا كلهم استظهروا جميعه، وإما أن لا يؤخذ بمفهوم حديث أنس؛ لأنه لا يلزم من قوله: جَمَعه أربعة أن لا يكون جَمَعه غيرهم، فلعله أراد أنه لم يقع جَمْعه لأربعة من قبيلة واحدة، إلا لهذه القبيلة، وهي الأنصار. انتهى (١).

(كُلُّهُمْ مِنَ الأَنْصَارِ) في رواية الطبريّ من طريق سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة في أول الحديث: "افتخر الحيان: الأوس، والخزرج، فقال الأوس: منا أربعة: مَن اهتَزَّ له العرش، سعد بن معاذ، ومَن عُدِّلت شهادته شهادة رجلين، خزيمة بن ثابت، ومَن غسلته الملائكة، حنظلة بن أبي عامر، ومَن حَمَته الدَّبْرُ، عاصم بن ثابت، فقال الخزرج: منا أربعة جمعوا القرآن، لم يجمعه غيرهم، فذكرهم".

قال الحافظ: رواية سعيد هذه صريحة في الحصر، وسعيد ثَبْت في قتادة، ويَحْتَمِل مع ذلك أن مراد أنس: لم يجمعه غيرهم؛ أي: من الأوس بقرينة المفاخرة المذكورة، ولم يُرِدْ نفي ذلك عن المهاجرين، ثم في رواية سعيد أن ذلك من قول الخزرج، ولم يُفصح باسم قائل ذلك، لكن لمّا أورده أنس، ولم يتعقبه كان كأنه قائل به، ولا سيما، وهو من الخزرج. انتهى (٢).

قال الجامع عفا الله عنه: سيأتي في المسألة الثالثة تحقيق القول في


(١) "الفتح" ٨/ ٥١١، كتاب "مناقب الأنصار" رقم (٣٨١٠).
(٢) "الفتح" ٨/ ٢٢٩ - ٢٣٠، كتاب "فضائل القرآن" رقم (٥٠٠٣).