للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فطريق قتادة على شرطه، وقد وافقه عليها ثمامة في إحدى الروايتين عنه، وطريق ثابت أيضًا على شرطه، وقد وافقه عليها أيضًا ثمامة في الرواية الأخرى، لكن مخرج الرواية عن ثابت وثمامة بموافقته قد وقع عن عبد الله بن المثنى، وفيه مقال، وإن كان عند البخاري مقبولًا، لكن لا تُعادل روايته رواية قتادة، ويرجح رواية قتادة حديث عُمر في ذِكر أُبَيّ بن كعب (١)، وهو خاتمة أحاديث الباب (٢)، ولعل البخاريّ أشار بإخراجه إلى ذلك؛ لتصريح عمر بترجيحه في القراءة على غيره.

ويَحْتَمِل أن يكون أنس حدّث بهذا الحديث في وقتين، فذَكره مرة أُبَيّ بن كعب، ومرة بدله أبا الدرداء.

وقد روى ابن أبي داود من طريق محمد بن كعب القرظيّ قال: جمع القرآن على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- خمسة من الأنصار: معاذ بن جبل، وعبادة بن الصامت، وأُبيّ بن كعب، وأبو الدرداء، وأبو أيوب الأنصاريّ، وإسناده حسن مع إرساله، وهو شاهد جيّد لحديث عبد الله بن المثنى في ذكر أبي الدرداء، وإن خالفه في العدد والمعدود.

ومن طريق الشعبيّ قال: جمع القرآن في عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ستة، منهم أبو الدرداء، ومعاذ، وأبو زيد، وزيد بن ثابت، وهؤلاء الأربعة هم الذين ذُكروا في رواية عبد الله بن المثنى، وإسناده صحيح، مع إرساله، فللَّه دَرّ البخاريّ ما أكثر اطلاعه.

وقد تبيّن بهذه الرواية المرسلة قوّة رواية عبد الله بن المثنى، وأن لروايته أصلًا، والله أعلم.

وقال الكرمانيّ: لعل السامع كان يعتقد أن هؤلاء الأربعة لم يجمعوا، وكان أبو الدرداء ممن جمع، فقال أنس ذلك ردًّا عليه، وأتى بصيغة الحصر ادّعاءً، ومبالغةً، ولا يلزم منه النفي عن غيرهم بطريق الحقيقة. انتهى (٣)، والله تعالى أعلم.


(١) أي: حيث قال عمر -رضي الله عنه-: "أُبيّ أقرؤنا".
(٢) أي: عند البخاريّ.
(٣) "الفتح" ٨/ ٢٣١، كتاب "فضائل القرآن" رقم (٥٠٠٤).