هريرة، وعبد الله بن السائب، والعبادلة، ومن الثساء: عائشة، وحفصة، وأم سلمة، ولكن بعض هؤلاء إنما أكمله بعد النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، فلا يَرِد على الحصر المذكور في حديث أنس.
وعَدّ ابن أبي داود في "كتاب الشريعة" من المهاجرين أيضًا: تميم بن أوس الداريّ، وعقبة بن عامر، ومن الأنصار: عبادة بن الصامت، ومعاذًا الذي يكنى أبا حليمة، ومُجَمِّع بن حارية، وفَضالة بن عبيد، ومسلمة بن مُخَلَّد، وغيرهم، وصَرَّح بأن بعضهم إنما جَمَعه بعد النبيّ -صلى الله عليه وسلم-.
وممن جَمَعه أيضًا: أبو موسى الأشعريّ، ذكره أبو عمرو الدانيّ، وعَدَّ بعض المتأخرين من القراء: عمرو بن العاص، وسعد بن عباد، وأم ورقة. انتهى (١).
قال الجامع عفا الله عنه: قد تبيّن بما ذُكر أن الذين جمعوا القرآن كلّه أكثر من الأربعة المذكورين، وقد عرفت تأويل قول أنس -رضي الله عنه-: "لم يجمعه غيرهم" فيما أسلفته، فلا تغفل، والله تعالى وليّ التوفيق.
(المسألة الخامسة): أخرج البخاريّ -رحمه الله- من طريق عبد الله بن المثنّى، عن ثابت، وثُمامة كلاهما عن أنس -رضي الله عنه- قال: مات النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، ولم يجمع القرآن غير أربعة: أبو الدرداء، ومعاذ بن جبل، وزيد بن ثابت، وأبو زيد، قال: ونحن ورِثناه.
قال في "الفتح": خالفت هذه الرواية روايةَ قتادة من وجهين:
أحدهما: التصريح بصيغة الحصر في الأربعة، ثانيهما: ذِكر أبي الدرداء بدل أُبَيّ بن كعب، فأما الأول فقد تقدم الجواب عنه من عِدّة أوجه.
وأما الوجه الثاني من المخالفة: فقال الإسماعيلي: هذان الحديثان مختلفان، ولا يجوزان في الصحيح مع تباينهما، بل الصحيح أحدهما، وجزم البيهقيّ بأن ذِكر أبي الدرداء وَهَمٌ، والصواب: أبَيّ بن كعب، وقال الداوديّ: لا أرى ذِكر أبي الدرداء محفوظًا.
قال الحافظ: وقد أشار البخاريّ إلى عدم الترجيح باستواء الطرفين،
(١) "الفتح" ٨/ ٢٣١، كتاب "فضائل القرآن" رقم (٥٠٠٤).