للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

والباقون ذُكروا قبله.

[تنبيه]: من لطائف هذا الإسناد:

أنه من رباعيّات المصنّف -رحمه الله-، وهو (٤٨٨) من رباعيّات الكتاب، وهو مكرّر، فقد تقدّم في كتاب "صلاة المسافرين وقصرها" برقم [٤٠/ ١٨٦٤] (٧٩٩).

وقال النوويّ -رحمه الله-: هذه الأسانيد الثلاثة، رواتها كلهم بصريون، وهذا من المستطرفات، أن يَجتمع ثلاثة أسانيد متصلة، مسلسلون بغير قصد، وقد سبق بيان مثله، وشعبة واسطيّ بصريٌّ، سبق بيانه مرات، وفي الطريق الثاني والثالث فائدة حسنة، وهي أن قتادة صرّح بالسماع من أنس، بخلاف الطريق الأول، وقتادة مدلّس، فينتفي أن يُخاف من تدليسه بتصريحه بالسماع، وقد سبق التنبيه على مثل هذا مرات. انتهى (١).

شرح الحديث:

قوله: (أَنْ أَقْرَأَ عَلَيْكَ) وفي الرواية التالية: "إن الله أمرني أن أقرأ عليك {لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا} [البينة: ١]) ".

وقوله: (قَالَ: وَسَمَّانِي؟) بتقدير همزة الاستفهام؛ أي: أَوَ سمّاني؟ وفي الرواية المتقدّمة: "آلله سمّاني لك؟ " بهمزة الاستفهام؛ أي: هل نَصّ عليّ باسمي، أو قال لك: اقرأ على واحد من أصحابك، فاخترتني أنت؟ فلما قال له: "نعم" بَكَى.

قوله: (قَالَ) النبيّ -صلى الله عليه وسلم-: ("نَعَمْ") سمّاك لي باسمك. (قَالَ) أنس: (فَبَكَى) أُبيّ -رضي الله عنه-، إما فرَحًا وسُرُورًا بذلك، وإما خشوعًا وخوفًا من التقصير في شُكر تلك النعمة، قاله في "الفتح" (٢).

وقال النوويّ -رحمه الله-: أما بكاؤه فبكاء سرور، واستصغار لنفسه عن تأهيله لهذه النعمة، وإعطائه هذه المنزلة، والنعمةُ فيها من وجهين:

أحدهما: كونه منصوصًا عليه بعينه، ولهذا قال: "وسمّاني": معناه: نَصّ عليّ بعيني، أو قال: اقرأ على واحد من أصحابك؟ قال: بل سمّاك، فتزايدت النعمة.


(١) "شرح النوويّ" ٦/ ٨٦.
(٢) "الفتح" ٧/ ١٥٨.