للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

والثاني: قراءة النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، فإنها منقبة عظيمة له، لم يشاركه فيها أحد من الناس.

وقيل: إنما بكى خوفًا من تقصيره في شُكر هذه النعمة.

وأما تخصيص هذه السورة بالقراءة، فلأنها مع وَجازتها جامعة لأصول، وقواعد، ومهمات عظيمة، وكان الحال يقتضي الاختصار، وأما الحكمة في أمْره بالقراءة على أُبَيّ، فقال المازريّ، والقاضي: هي أن يتعلم أُبَيّ ألفاظه، وصيغة أدائه، ومواضع الوقوف، وصُنْع النَّغَمَ في نغمات القرآن، على أسلوب أَلِفه الشرع، وقدّره، بخلاف ما سواه من النغم المستعمَل في غيره، ولكل ضرب من النغم مخصوص في النفوس، فكانت القراءة عليه ليتعلم منه، وقيل: قرأ عليه؛ لِيَسُنّ عَرْض القرآن على حفاظه البارعين فيه المجيدين لأدائه، وليَسُنّ التواضع في أخْذ الإنسان القرآن وغيره من العلوم الشرعية من أهلها، وإن كانوا دونه في النَّسَب، والدين، والفضيلة، والمرتبة، والشهرة، وغير ذلك، ولينبّه الناس على فضيلة أُبَيّ في ذلك، ويحثّهم على الأخذ منه، وكان كذلك، فكان بَعد النبيّ -صلى الله عليه وسلم- رأسًا، وإمامًا مقصودًا في ذلك، مشهورًا به، والله أعلم. انتهى (١).

والحديث متّفقٌ عليه، وقد مضى تخريجه، وبيان فوائده بالرقم المذكور، فراجعه تستفد، وبالله تعالى التوفيق.

[٦٣٢٣] (. . .) - (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، وَابْنُ بَشَّارٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَالَ: سَمِعْتُ قَتَادَةَ، يُحَدِّثُ عَنْ أَنسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - لأُبيِّ بْنِ كَعْبٍ: "إِنَّ اللهَ أَمَرَنِي أَنْ أقْرَأَ عَلَيْكَ: {لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا}، قَالَ: وَسَمَّانِي؟ قَالَ: "نَعَمْ"، قَالَ: فَبَكَى).

رجال هذا الإسناد: ستة:

وكلّهم ذُكروا في الباب، والباب الماضي.


(١) "شرح النوويّ" ١٦/ ٢٠ - ٢١.