للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

يصحّ الحلّة هنا. وأما من يقول: الحلّة ثوب واحدٌ جديدٌ، قريب العهد بحلّه من طيّه، فيصحّ، وقد جاء في "كتب السِّير" أنها قَباء. انتهى (١).

(وَكَانَ) - صلى الله عليه وسلم - (يَنْهَى عَنِ الْحَرِيرِ) هكذا رواية شيبان عن قتادة: "وكان ينهى عن الحرير"، وخالفه سعيد بن أبي عروبة عنه، فقال: "قبل أن يحرّم الحرير"، وفي لفظ: "قبل أن ينهى عن الحرير"، أخرجه البيهقيّ، وصحّحه ابن حبّان، ورجّحه البيهقيّ على رواية شيبان، فقد أخرجه ابن حبّان من طريق محمد بن سواء، حدّثنا سعيد، عن قتادة، عن أنس؛ "أن أُكيدر دومةَ أهدى إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جُبّة سُندس، فَلَبِسها، وذلك قبل أن يُحرَّم الحرير، فتعجّب الناس من حُسنها. . ." الحديث.

وأخرجه البيهقيّ من طريق عبد الوهاب بن عطاء، أنبأ سعيد، عن قتادة، عن أنس بن مالك؛ أن أكيدر دومة أهدى إلى النبيّ - صلى الله عليه وسلم - جبة -قال سعيد -: أحسبه قال: سندس، قال: وذلك قبل أن يُنْهَى عن الحرير، قال: فلبسها، فعَجِب الناس منها. . ." الحديث.

قال البيهقيّ: أخرجاه في "الصحيح" من وجه آخر، عن قتادة، دون اللفظة التي أَتَى بها سعيد بن أبي عروبة، أن ذلك قبل أن يُنْهَى عن الحرير، وهي أشبه بالصحة من رواية من روى: "وكان ينهى عن الحرير وقد قال البخاريّ: وقال سعيد: عن قتادة، عن أنس، أن أكيدر دُومة أهدى إلى النبيّ - صلى الله عليه وسلم - في هدية المشركين، إلا أنه لم يَسُق مَتْنه. انتهى (٢).

قال الجامع عفا الله عنه: الذي يظهر لي أن رواية سعيد بن أبي عروبة بلفظ: "قبل أن ينهى عن الحرير" هي المحفوظة دون لفظ: "وكان ينهى عن الحرير"؛ لكون سعيد أثبت من شيبان، بل هو أثبت الناس في قتادة، وقد تابعه عمر بن عامر، كما سيأتي في الرواية التالية، ولأن قوله: "فلبسها" ينافي قوله: "وكان ينهى عن الحرير"؛ لأنه لا يلبسها بعد النهي عنها.

والحاصل: أن الصحيح قوله: "قبل أن ينهى عن الحرير"، فتأمله بالإمعان، والله تعالى أعلم.


(١) "شرح النوويّ" ١٥/ ٢٣ - ٢٤.
(٢) "سنن البيهقي الكبرى" ٣/ ٢٧٤.