(فَعَجِبَ) بكسر الجيم، (النَّاسُ مِنْهَا، فَقَالَ) - صلى الله عليه وسلم -: ("وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ إِنَّ مَنَادِيلَ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ) جمع مِنْديل -بكسر الميم- في المفرد، وهو الذي يُحمل في اليد، وقال في "العمدة": المنادل: جمع مِنديل، وهو الذي يُحمَل في اليد، مشتقّ من الندل، وهو النقل؛ لأنه يُنقل من يد إلى يد، وقيل: الندل: الوسخ، وفيه إشارة إلى منزلة سعد في الجنة، وأن أدنى ثيابه فيها خير من هذه الجبة؛ لأن المناديل في الثياب أدناها؛ لأنه معدّ للوسخ، والامتهان، فغيره أفضل منه، وقيل: في قوله: "مناديل سعد" ضَرَب المثال بالمناديل التي يُمسح بها الأيدي، ويُنفض بها الغبار، ويُتخذ لِفافةً لجيِّد الثياب، فكانت كالخادم، والثياب كالمخدوم، فإذا كانت المناديل أفضل من هذه الثياب - أعني جبة السندس - دلّ على عِظَم عطايا الرب -جل جلاله-، قال تعالى:{فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ}[السجدة: ١٧].
[فإن قلت]: ما وجه تخصيص سعد به؟.
[قلت]: لعل منديله كان من جنس ذلك الثوب لونًا، ونحوه، أو كان الوقت يقتضي استمالة سعد، أو كان اللامسون المتعجبون من الأنصار، فقال: منديل سيدكم خير منها، أو كان سعد يُحبّ ذلك الجنس من الثياب، وقال صاحب "الاستيعاب": رُوي أن جبريل -عَلَيْهِ السَّلامُ- نزل في جنازته معتجرًا بعمامة من استبرق. انتهى (١).
(فِي الْجَنَّةِ أَحْسَنُ مِنْ هَذَا")؛ أي: إن هذا في الدنيا قد أُعدّ لِلُبس الملوك، ومع ذلك لا يساوي مناديل سعد في الآخرة التي أُعدّت لإزالة الوسخ، وتنظيف الأيدي، فأيّ نسبة بين الدنيا والآخرة؟ فلا ينبغي للمرء الرغبة في الدنيا، وعن الآخرة، والله تعالى أعلم.
مسألتان تتعلّقان بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): حديث أنس بن مالك - رضي الله عنه - هذا متّفقٌ عليه.
(المسألة الثانية): في تخريجه:
أخرجه (المصنّف) هنا [٢٤/ ٦٣٣١ و ٦٣٣٢](٢٤٦٩)، و (البخاريّ) في