للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الميم، وتشديد الثاء المثلثة، من التمثيل، يقال: مُثّل بالقتيل: إذا جُدِع أنفُهُ، وأذنه، أو مذاكيره، أو شيء من أطرافه، والاسم المثلة، بضم الميم، وسكون الثاء، ويجوز مُثِل بتخفيف الثاء، يقال: مَثَلْتُ بالحيوان أَمْثُلُه به مَثْلًا، قال ابن الأثير: وأما مُثّل بالتشديد، فهو للمبالغة. انتهى (١).

(قَالَ) جابر: (فَأَرَدْتُ أَنْ أَرْفَعَ الثَّوْبَ) وفي رواية: "أريد أن أكشف عنه"؛ أي: حتى يُرى ما فُعل به، (فَنَهَانِي قَوْمِي) بنو سَلِمة بكسر اللام، ولعلهم نهوه ظنًّا منهم أن كشف وجه الميت لا يجوز، ولم ينهه - صلى الله عليه وسلم - دلالة على أنه يجوز، ويَحْتَمِل أن يكون نهيهم له خشية أن يزيده ذلك حزنًا وبكاءً على جابر؛ لأنه كان يبكي عندئذ، كما هو مصرّح به في الرواية التالية، ولم ينهه - صلى الله عليه وسلم - لِمَا رأى من شدّة اشتياقه، ولأن ذلك ربما يؤدي إلى التسلية (٢)، والله تعالى أعلم.

(ثُمَّ أَرَدْتُ أَنْ أَرْفَعَ الثَّوْبَ، فَنَهَانِي قَوْمِي، فَرَفَعَهُ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -)؛ أي: رَفَعه من موضعه إلى موضع دَفنه، (أَوْ أَمَرَ بِهِ) "أو" للشكّ من الراوي، (فَرُفِعَ) بالبناء للمفعول، (فَسَمِعَ) النبيّ - صلى الله عليه وسلم - (صَوْتَ بَاكِيَةٍ، أَو صَائِحَةٍ) "أو" للشكّ أيضًا؛ أي: امرأة صائحة، (فَقَالَ: "مَنْ هَذه؟ ") الباكية، (فَقَالُوا: بِنْتُ عَمْرٍو") "أو" هنا أيضًا للشكّ، والصحيح أنها بنت عمرو، كما في الرواية التالية: "وجعلت فاطمة بنت عمرو تبكيه" وعمرو جدّ جابر؛ لأنه ابن عبد الله بن عمرو بن حرام، وفي رواية للبخاريّ: "فجعلت عمتي فاطمة تبكي"، ووقع في "الإكليل" للحاكم أنها هند بنت عمرو، قال الحافظ: لعل لها اسمين، أو أحدهما اسمها، والآخر لقبها، وتعقّبه العينيّ، فقال: لا يُلقّب بالأسماء الموضوعة للمسمّيات، فإن صح ما في "الإكليل" فيُحْمَل على أنهما كانتا أختين، وهما عمتا جابر، إحداهما تسمى فاطمة، والأخرى تسمى هندًا (٣).

قوله: (أَوْ أُخْتُ عَمْرٍو) شك من الراوي، فإن كانت بنت عمرو، تكون


(١) "عمدة القاري" ٨/ ٨٦.
(٢) راجع: "تكملة فتح الملهم" ٥/ ٢٠٩.
(٣) "عمدة القاري" ٨/ ٨٦.