أنه من خماسيّات المصنّف -رَحِمَهُ اللهُ-، وأنه مسلسلٌ بالبصريين، غير الصحابيّ، وفيه رواية تابعيّ عن تابعيّ، وهو من رواية الأقران، كما سبق قريبًا.
شرح الحديث:
(عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الصَّامِتِ) الغفاريّ؛ أنه (قَالَ: قَالَ أَبُو ذَرٍّ) الغفاريّ - رضي الله عنه -: (خَرَجْنَا مِنْ قَوْمِنَا غِفَارٍ) بدل، أو عطف بيان، وهو بكسر الغين المعجمة، وتخفيف الفاء: نسبة إلى غفار بن مليل بن ضمرة بن بكر بن عبد مناة بن كنانة، قاله في "اللباب"(١). (وَكَانُوا)؛ أي: قومهم، (يُحِلُّونَ الشَّهْرَ الْحَرَامَ)؛ أي: يستبيحونه، ويفعلون فيه ما يفعلون في الأشهر غير الحُرُم، والظاهر: أن المراد جنس الشهر الحرام، فيشمل الأربعة، وهي ذُو القعدة، وذو الحجة، والمحرّم، ورجب، وَيحتَمِل أن يريد بعضها، والأربعة هي أنزل الله تعالى فيها قوله:{إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ}[التوبة: ٣٦].
قال الإمام ابن كثير -رَحِمَهُ اللهُ-: قوله تعالى: {مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ} فهذا مما كانت العرب في الجاهلية تحرّمه، وهو الذي كان عليه جمهورهم، إلا طائفة منهم، يقال لهم: البَسْل، كانوا يحرّمون من السنة ثمانية أشهر؛ تعمّقًا، وتشديدأ، والأربعة هي: ذو القعدة، وذو الحجة، والمحرّم، ورجب مضر الذي بين جمادى وشعبان، فإنما أضافه إلى مضر ليبيّن صحة قولهم في رجب: إنه الشهر الذي بين جمادى وشعبان، لا كما تظنه ربيعة من أن رجب المحرَّم هو الشهر الذي بين شعبان وشوال، وهو رمضان اليوم، فبيّن - صلى الله عليه وسلم - أنه رجب مضر، لا رجب ربيعة، وإنما كانت الأشهر المحرمة أربعةً، ثلاثةٌ سَرْدٌ وواحد فَرْد؛ لأجل أداء مناسك الحج والعمرة، فحرّم قبل شهر الحج شهرًا، وهو ذو