للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

القعدة؛ لأنهم يقعدون فيه عن القتال، وحرّم شهر ذي الحجة؛ لأنهم يوقعون فيه الحج، ويشتغلون فيه بأداء المناسك، وحرّم بعده شهرًا آخر، وهو المحرم؛ ليرجعوا فيه إلى أقصى بلادهم آمنين، وحرّم رجب في وسط الحَوْل؛ لأجل زيارة البيت، والاعتمار به لمن يَقْدَم إليه من أقصى جزيرة العرب، فيزوره، ثم يعود إلى وطنه فيه آمنًا. انتهى كلام ابن كثير -رَحِمَهُ اللهُ- بتصرّف يسير (١).

(فَخَرَجْتُ أَنَا) أتى به؛ لِيُمْكنه عَطْف ما بعده على ضمير الرفع المتّصل من غير ضعف، قال في "الخلاصة":

وَإِنْ عَلَى ضَمِيرِ رَفْعٍ مُتَّصِلْ … عَطَفْتَ فَافْصِلْ بِالضَّمِيرِ الْمُنْفَصِلْ

أَو فَاصِلٍ مَا وَبِلَا فَصْلٍ يَرِدْ … فِي النَّظْمِ فَاشِيًا وَضُعْفَهُ اعْتَقِدْ

(وَأَخِي أُنَيْسُ) بن جُنادة بن سفيان بن عُبيد بن حرام بن غِفار الغفاريّ، أخو أبي ذرّ، وكان أكبر منه، تأتي قصّته في الحديث. (وَأُمُّنَا) هي رملة بن الوقيعة، كما في "الإصابة". (فَنَزَلْنَا عَلَى خَالٍ لَنَا) لم يُعرف اسمه، (فَأَكْرَمَنَا خَالُنَا، وَأَحْسَنَ إِلَيْنَا، فَحَسَدَنَا قَوْمُهُ)؛ أي: عشيرته الذين يجاورونه، (فَقَالُوا: إِنَّكَ إِذَا خَرَجْتَ عَنْ أَهْلِكَ)؛ أي: زوجتك، (خَالَفَ إِلَيْهِمْ أُنَيْسٌ) يريدون: أنه يتعرّض لزوجته بالفاحشة. (فَجَاءَ خَالُنَا، فَنَثَا) بنون، ثم ثاء مثلّثة؛ أي: أشاع، وأفشى، يقال: نثوت الخبرَ نثوًا من باب قتل: أظهرته، والنثا وزانُ الحصى: إظهار القبيح، والحسَن، قاله الفيّوميّ (٢).

وقال في "المشارق": قوله: "فنثا علينا الذي قيل": نثا؛ أي: أخبر بتقديم النون في الخير والشرّ، والثناء بتقديم الثاء ممدودًا في الخير وحده. انتهى (٣).

وقال القرطبيّ -رَحِمَهُ اللهُ-: قوله: "فنثا علينا"؛ أي: أظهر لنا بالقول، وإنما يقال: النثى -بتقديم النون، والقصر- في الشرّ، والكلام القبيح، وإذا قَدَّمْتَ الثاء، ومدَدَت فهو الكلام الحسن الجميل. انتهى (٤).

(عَلَيْنَا الَّذِي قِيلَ لَهُ) من اتّهام أنيس بأهله، قال أبو ذرّ: (فَقُلْتُ لَهُ: أَمَّا مَا


(١) "تفسير ابن كثير" ٢/ ٣٥٦.
(٢) "المصباح المنير" ٢/ ٥٩٣.
(٣) "مشارق الأنوار" ٢/ ٤.
(٤) "المفهم" ٦/ ٣٩٢.