للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

مَضَى مِنْ مَعْرُوفِكَ)؛ أي: إحسانك علينا، (فَقَدْ كَدَّرْتَهُ)؛ أي: أذهبت صفاءه، وأفسدته بما ذَكَرته من اتّهامك أنيسًا بما هو بريء منه، (وَلَا جِمَاعَ لَكَ) بكسر الجيم؛ أي: لا اجتماع بيننا وبينك يبقى بعدما أسأت إلينا بسوء الظنّ فينا، (فِيمَا بَعْدُ) بالبناء على الضمّ؛ لِقَطْعِه عن الإضافة، ونيّة معناها؛ أي: بعد اليوم. (فَقَرَّبْنَا صِرْمَتَنَا) بكسر الصاد المهملة، وسكون الراء: هي القطعة من الإبل، وتُطلق أيضًا على القطعة من الغنم، قال النوويّ، وقال الفيّومي: الصِّرْمَةُ بالكسر: القطعة من الإبل، ما بين العشرة إلى الأربعين، وتُصَغَّر على صُرَيْمَةٍ، والجَمْع صِرَمٌ، مثل سِدرة وسِدَرٍ، والصِّرْمَةُ: القطعة من السحاب، والصِّرْمُ: الطائفة المجتمعة من القوم، ينزلون بإبلهم ناحيةً من الماء، والجمعُ: أَصْرَائم، مثلُ حِمْلِ وأَحْمَالٍ. انتهى (١).

والمعنى: طلبنا إبلنا حتى نركب عليها، ونَحْمل متاعنا؛ لنغادر ذلك المكان.

(فَاحْتَمَلْنَا)؛ أي: حَمَلنا أمتعتنا (عَلَيْهَا)؛ أي: على تلك الصِّرْم، (وَتَغَطَّى خَالُنَا ثَوْبَهُ، فَجَعَلَ يَبْكِي) لعله فَعَل ذلك ندمًا على ما فعل بأضيافه، أو حزنًا على فراقهم. (فَانْطَلَقْنَا)؛ أي: ذهبنا من ذلك المكان، (حَتَّى نَزَلْنَا بِحَضْرَةِ مَكَّةَ)؛ أي: بمكان قريب من مكة، قال الفيّوميّ: حَضْرة الشيء: فناؤه، وقُربه (٢). (فَنَافَرَ أُنَيْسٌ عَنْ صِرْمَتِنَا، وَعَنْ مِثْلِهَا) قال أبو عبيد وغيره في شرح هذا: المنافرة: وهي المفاخرة، والمحاكمة، فيَفْخَر كل واحد من الرجلين على الآخر، ثم يتحاكمان إلى رجل؛ ليحكم أيهما خير، وأعزّ نفرًا؟ وكانت منافرة أنيس هذه المفاخرة في الشعر أيهما أشعر؟ كما بيَّنه في الرواية الأخرى.

وقال النوويّ: معناه: تراهَنَ هو وآخر أيهما أفضل، وكان الرهن صِرْمة ذا، وصِرْمة ذاك، فأيهما كان أفضل أخذ الصرمتين، فتحاكما إلى الكاهن، فحَكَم بأن أُنيسًا أفضل، وهو معنى قوله: "فخَيَّر أنيسًا"؛ أي: جعله الخيارَ، والأفضلَ. انتهى (٣).


(١) "المصباح المنير" ١/ ٣٣٩.
(٢) "المصباح المنير" ١/ ١٤٠.
(٣) "شرح النوويّ" ١٦/ ٢٧.