للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الذي كانت الجاهليّة تنصبه للعبادة، وتذبح عنده، فيحمرّ بالدم، شبّه أبو ذرّ - رضي الله عنه - نفسه بالنصب الأحمر؛ لتلوّثه بالدماء التي سالت من بدنه بسبب ضربهم إياه بالحجرة والمدرة، والعظم.

وقال القرطبيّ: أي: قمت كأني لجريان دمي من الجراحة التي أُصبت بها أحدُ الأنصاب، وهي الحجارة التي كانوا يذبحون عليها، فتحمرّ بالدماء.

وقال النوويّ: قوله: "كأني نصب أحمر"؛ يعني: من كثرة الدماء التي سالت مِن ضَرْبهم له، والنصب: الصنم والحجر، كانت الجاهلية تنصبه، وتذبح عنده، فيحمر بالدم، وهو بضم الصاد، وإسكانها، وجمعه أنصاب، ومنه قوله تعالى: {وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ} [المائدة: ٣] (١).

(قَالَ) أبو ذرّ: (فَأَتَيْتُ زَمْزَمَ) اسم للبئر المعروفة بمكة، ولا تنصرف؛ للتأنيث، والعلميّة، قال ابن فارس: هو من قولهم: زممت الناقةَ: إذا جعلت لها زمامًا تحبسها به، وذلك أن جبريل -عَلَيْهِ السَّلامُ- لَمّا هَمَز الأرض بمقاديم جناحه، ففاض الماء زَمّتها هاجر، فسُمِّيت: زمزم (٢).

وقال ابن الأثير: هي البئر المعروفة بمكة، قيل: سُمّيت بها؛ لكثرة مائها، يقال: ماء زمازم، وزمزم، وقيل: هو اسم عَلَم لها. انتهى (٣).

وقال في "الفتح": سميت زمزم؛ لكثرتها، يقال: ماء زمزم؛ أي: كثير، وقيل: لاجتماعها، نُقل عن ابن هشام، وقال أبو زيد: الزمزمة من الناس خمسون ونحوهم، وعن مجاهد: إنما سُمّيت زمزم؛ لأنها مشتقة من الْهَزْمة، والهزمة: الْغَمْز بالعقب في الأرض، أخرجه الفاكهيّ بإسناد صحيح عنه، وقيل: لحركتها، قاله الحربيّ، وقيل: لأنها زُمَّت بالميزان؛ لئلا تأخذ يمينًا وشمالًا. انتهى (٤).

وقال في "التاج": وماء زمزم، كجَعْفَر، وعُلابِط؛ أي: كثير، قال أيضًا: زَمَّم، كبَقَّم، وزمزم، كجعفر، وزُمازِم مثلُ عُلابِط: بئر عند الكعبة، قال ابن بَرّيّ: لزمزم اثنا عشر اسمًا: زمزم، مكنومة، مضنونة، شُباعة سُقيا، الزواء،


(١) "شرح النوويّ" ١٦/ ٢٨.
(٢) "المفهم" ٦/ ٣٩٣.
(٣) "النهاية في غريب الأثر" ٢/ ٣١٣.
(٤) "الفتح" ٣/ ٤٩٣.