للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ويمكن التوفيق بينهما بأنه لقيه أوّلًا مع عليّ، ثم لقيه في الطواف، أو بالعكس، وحَفِظ كل منهما عنه ما لم يحفظ الآخر، كما في رواية عبد الله بن الصامت من الزيادة ما ذكرناه، ففي رواية ابن عباس أيضًا من الزيادة قصته مع عليّ، وقصته مع العباس، وغير ذلك.

وقال القرطبيّ: في التوفيق بين الروايتين تكلّف شديد، ولا سيما إن في حديث عبد الله بن الصامت: أن أبا ذرّ أقام ثلاثين لا زاد له، وفي حديث ابن عباس: أنه كان معه زاد، وقِربة ماء، إلى غير ذلك.

قال الحافظ: ويَحْتَمِل الجمع بأن المراد بالزاد في حديث ابن عباس ما تزوّده لَمّا خرج من قومه، ففرغ لمّا أقام بمكة، والقربة التي كانت معه، كان فيها الماء حال السفر، فلما أقام بمكة لم يحتج إلى ملئها، ولم يطرحها، ويؤيده أنه وقع في رواية أبي قتيبة: "فجعلت لا أعرفه، وأكره أن أسأل عنه، وأشرب من ماء زمزم، وأكون في المسجد. . ." الحديث (١).

(فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "ارْجِعْ إِلَى قَوْمِكَ) بني غفار، (فَأَخْبِرْهُمْ) بالإسلام، وشرائعه التي تعلّمتها منّي، (حَتَّى يَأْتِيَكَ أَمْرِي" أي: شأني وحالي من النصر، والفتح، وانتشار الدعوة، وفي رواية البخاريّ: "اكتم هذا الأمر، وارجع إلى قومك، فأخبرهم، فإذا بلغك ظهورنا فأقبل"، وتقدّم في رواية عبد الله بن الصامت: "إنه قد وُجِّهَتْ لي أرض ذات نخل، فهل أنت مبلّغ عني قومك، عسى الله أن ينفعهم بك؟ "، فذكر قصة إسلام أخيه أنيس، وأمه، وأنهم توجهوا إلى قومهم غفار، فأسلم نصفهم … الحديث (٢).

(فَقَالَ) أبو ذرّ - رضي الله عنه -: (وَالَّذِي نَفْسِي بِيَد لأَصْرُخَنَّ بِهَا) بضمّ الخاء المعجمة؛ أي: لأصيحنّ بكلمة التوحيد، أراد أنه يرفع صوته جهارًا بين المشركين، قال في "العمدة": وضُبط في بعض النّسخ: "لأُصَرّحَنّ" بالحاء المهملة، من التصريح (٣).


(١) "الفتح" ص ٥٨٤ - ٥٨٥، كتاب "مناقب الأنصار" رقم (٣٨٦١).
(٢) "الفتح" ص ٥٨٤ - ٥٨٥، كتاب "مناقب الأنصار" رقم (٣٨٦١).
(٣) "عمدة القاري" ١٧/ ٤.