للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(فَإِنَّهُ حَقٌّ)؛ أي: فإن الذي تبحث عنه حقّ، وليس بباطل، (وَهُوَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -) أرسله الله بالهدى ودين الحقّ؛ ليظهره على الدين كله، ولو كره المشركون. (فَإذَا أَصْبَحْتَ)؛ أي: دخلت في وقت الصباح (فَاتَّبِعْنِي) بتشديد التاء، من الاتّباع، ويروى: "فاتبعني" ثلاثيًّا. (فَإِنِّي إِنْ رَأَيْتُ شَيْئًا أَخَافُ عَلَيْكَ قُمْتُ كَأَنِّي أُرِيقُ الْمَاءَ) الظاهر أنه أراد البول، وفي رواية للبخاريّ: "كأني أصلح نعلي"، ويُحمل على أنه فعلهما جميعًا. (فَإِنْ مَضَيْتُ، فَاتَّبِعْنِي)؛ يعني: إن لم أقف في الطريق، أو وقفت، ثم مضيت بعد حصول الأمن من الخوف، فاتبعني (حَتَّى تَدْخُلَ مَدْخَلِي)؛ أي: محل دخولي، وهو المكان الذي فيه النبيّ - صلى الله عليه وسلم -. (فَفَعَلَ) أبو ذرّ ما أمره به عليّ - رضي الله عنهما -، وهو ما بيّنه بقوله: (فَانْطَلَقَ)؛ أي: ذهب حال كونه (يَقْفُوهُ)؛ أي: يتبع عليًّا، (حَتَّى دَخَلَ) عليٌّ (عَلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -، وَدَخَلَ) أبو ذرّ (مَعَهُ) قال الداوديّ: فيه الدخول بدخول المتقدّم، وكأن هذا قبل آية الاستئذان، وتعقبه ابن التين، فقال: لا تؤخذ الأحكام من مثل هذا، قال الحافظ: وفي كلام كل منهما من النظر ما لا يخفى (١).

(فَسَمِعَ) أبو ذرّ (مِنْ قَوْلِهِ) - صلى الله عليه وسلم -، (وَأَسْلَمَ مَكَانَهُ)؛ أي: في المحلّ الذي سمع من قوله فيه.

وقال في "الفتح": قوله: "فسمع من قوله، وأسلم مكانه" كأنه كان يعرف علامات النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، فلمّا تحققها لم يتردد في الإسلام، هكذا في هذه الرواية، ومقتضاها أن التقاء أبي ذرّ بالنبيّ - صلى الله عليه وسلم - كان بدلالة عليّ، وفي رواية عبد الله بن الصامت: "أن أبا ذرّ لقي النبيّ - صلى الله عليه وسلم - وأبا بكر في الطواف بالليل، قال: فلما قضى صلاته قلت: السلام عليك يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ورحمة الله وبركاته، قال: فكنت أول من حيّاه بالسلام، قال: من أين أنت؟ قلت: من بني غفار، قال: فوضع يده على جبهته، فقلت: كَرِه أن انتميت إلى غفار … ". فذكر الحديث في شأن زمزم، وأنه استغنى بها عن الطعام والشراب ثلاثين من بين يوم وليلة، وفيه: "فقال أبو بكر: ائذن لي يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في طعامه الليلة، وأنه أطعمه من زبيب الطائف. . ." الحديث، وأكثره مغاير لِمَا في حديث ابن عباس هذا عن أبي ذرّ.


(١) "الفتح" ص ٥٨٤ - ٥٨٥، كتاب "مناقب الأنصار" رقم (٣٨٦١).