للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

بعض النسخ: "أما" بزيادة همزة الاستفهام، وهي مرادة في الرواية الأولى، ولكن حُذفت، وهو جائز، قاله النوويّ -رَحِمَهُ اللهُ- (١).

وفي رواية للبخاريّ: "أما نال للرجل"؛ أي: أما حان، يقال: نال له، بمعنى آن له، قال في "الفتح": ويُروَى: "أما آن" بمد الهمزة، و"أَنَّى" بالقصر، وبفتح النون، وكلها بمعنى. انتهى (٢).

وقوله: " (أَنْ يَعْلَمَ مَنْزِلَهُ) ببناء الفعل للفاعل، والمصدر المؤوّل فاعل "أنى أي: ما قرُب للرجل علمُ منزلة، ومكانه؟.

وقال في "الفتح": قوله: "أن يعلم منزلة أي: مقصده، ويَحْتَمِل أن يكون عليّ أشار بذلك إلى دعوته إلى بيته لضيافته ثانيًا، وتكون إضافة المنزل إليه مجازية؛ لكونه قد نزل به مرةً، ويؤيد الأول قول أبي ذرّ في جوابه: "قلت: لا". انتهى.

(فَأقامَهُ)؛ أي: أمر عليّ أبا ذرّ بالقيام من مكانه؛ ليذهب به إلى بيته؛ ليضيفه، (فَذَهَبَ بِهِ مَعَهُ، وَلَا يَسْأَلُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ عَنْ شَيْءٍ، حَتَّى إِذَا كَانَ يَوْمُ الثَّالِثِ) "كان" هنا تامّة بمعنى جاء، و"يوم الثالث" مرفوع على الفاعليّة، والإضافة فيه كقولهم: مسجد الجامع، فإن التقدير فيه: مسجد المكان الجامع، فالجامع صفة للمكان، لا للمسجد، وكذلك التقدير في يوم الثالث؛ أي: يوم الزمن الثالث. (فَعَلَ مِثْلَ ذَلِكَ)؛ أي: مثل ما فعل في اليومين الماضيين من إقامته من مكانه، ثم الذهاب به إلى بيته، وتقديم الضيافة له، (فَأَقَامَهُ عَلِيٌّ) - رضي الله عنه - (مَعَهُ، ثُمَّ قَالَ) عليّ (لَهُ)؛ أي: لأبي ذرّ: (أَلَا) أداة استفتاح وتنبيه، (تُحَدِّثُنِي مَا الَّذِي أَقْدَمَكَ هَذَا الْبَلَدَ؟) مكة (قَالَ) أبو ذرّ: (إِنْ أَعْطَيْتَنِي عَهْدًا وَمِيثَاقًا) تأكيد لِمَا قبله، فإن الميثاق هو العهد. (لَتُرْشِدَنِّي)؛ أي: تدلّني على ما أبحث عنه، (فَعَلْتُ)؛ أي: حدّثتك بما سألت. (فَفَعَلَ)؛ أي: فأعطاه عليّ العهد والميثاق على ذلك، (فَأَخْبَرَهُ) بأن سبب قدومه مكة أنه سمع بمبعث النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، فأراد أن يلقاه، وفي رواية عند البخاريّ: "فأخبرته"، وفيه التفات. (فَقَالَ) عليّ - رضي الله عنه -:


(١) "شرح النوويّ" ١٦/ ٣٣ - ٣٤.
(٢) "الفتح" ٨/ ٥٨٤، كتاب "مناقب الأنصار" رقم (٣٨٦١).