عنه عليه، أو يمنعونه من الاجتماع به، أو يَخْدَعونه حتى يرجع عنه. (حَتَّى أَدْرَكَهُ)؛ أي: أبا ذرّ، وقوله:(يَعْني: اللَّيْلَ) ملحق من بعض الرواة، ولم يتبيّن لي من هو؟، والله تعالى أعلم.
(فَاضْطَجَعَ)؛ أي: نام أبو ذرّ في المسجد، (فَرَآه عَلِيٌّ)؛ أي: ابن أبي طالب - رضي الله عنه -، وهذا يدلّ على أن قصة أبي ذرّ وقعت بعد المبعث بأكثر من سنتين، بحيث يتهيأ لعليّ أن يستقل بمخاطبة الغريب، ويضيفه، فإن الأصح في سنّ علي حين المبعث كان عشر سنين، وقيل: أقل من ذلك، وهذا الخبر يقوِّي القول الصحيح في سنّه.
(فَعَرَفَ أنَّهُ غَرِيبٌ)؛ أي: حيث اضطجع في محل لا يضطجع فيه أهل البلد، (فَلَمَّا رَآهُ تَبعَهُ)؛ أي: بعد استتباع عليّ له، ففي رواية للبخاريّ:"فمرّ بي عليّ، فقال: كَانّ الرجل غريبٌ؟ قال: قلت: نعم، قال: فانطلِقْ إلى المنزل، قال: فانطلقت معه". (فَلَمْ يَسْأَلْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ عَنْ شَيْءٍ، حَتَّى أَصْبَحَ)؛ أي: دخل في الصباح، (ثُمَّ احْتَمَلَ)؛ أي: حَمَل (قُرَيْبَتَهُ) بضمّ القاف تصغير قِربة، وفي بعض النُّسخ:"قِرْبته" بالتكبير، وهي الشنّة المذكورة قبله. (وَزَادَهُ إِلَى الْمَسْجِدِ) الحرام، وهذا يدلّ على أن أبا ذرّ كان معه زاد إلى ذلك الوقت، فيعارضه ما تقدّم من رواية عبد الله بن الصامت الماضي، لكن يُمكن الجمع أيضًا بحمل قوله:"وزاده" على حذف مضاف، وعاء زادِه الذي نفِد.
وحاصله: أنه لم يَرْم الشنّة والقربة بعد نفاد ما فيهما من الماء والطعام، بل أخَذهما؛ ليستعملهما بعد ذلك، والله تعالى أعلم.
(فَظَلَّ ذَلِكَ الْيَوْمَ) قال الفيوميّ -رَحِمَهُ اللهُ-: ظَلَّ يفعل كذا يَظَلُّ، من باب تَعِبَ ظُلُولًا: إذا فعله نهارًا، قال الخليل: لا تقول العرب: ظَلَّ إلا لعمل يكون بالنهار. انتهى (١).
(وَلَا يَرَى النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى أَمْسَى)؛ أي: دخل في المساء، (فَعَادَ إِلَى مَضْجَعِهِ)؛ أي: محل نومه من المسجد، (فَمَرَّ بِهِ عَلِيٌّ) - رضي الله عنه - (فَقَالَ: مَا أَنَى لِلرَّجُلِ) وفي بعض النُّسخ: "آن"، وهما لغتان؛ أي: ما حان، وقرُب، وفي