للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقال في "الفتح": قوله: "ما حجبني … إلخ"؛ أي: ما منعني من الدخول إليه؛ إذا كان في بيته، فاستأذنت عليه، وليس كما حَمَله بعضهم على إطلاقه، فقال: كيف جاز له أن يدخل على أمهات المؤمنين بغير حجاب؟ ثم تكلّف في الجواب أن المراد: مجلسه المختص بالرجال، أو أن المراد بالحجاب: مَنْع ما يطلبه منه، قال الحافظ: وقوله: "ما حجبني" يتناول الجميع، مع بُعْد إرادة الأخير. انتهى (١).

وقوله: (مُنْذُ أَسْلَمْتُ) ظرف لـ "حجبني".

(وَلَا رَآنِي إِلَّا تَبَسَّمَ فِي وَجْهِي) وفي رواية للبخاريّ: "إلا ضَحِك"، ومعنى "ضَحِك": تبسّم، كما بُيّن في هذه الرواية، وفَعَل ذلك إكرامًا، ولُطفًا، وبشاشةً، ففيه استحباب هذا اللطف للوارد، وفيه فضيلة جرير - رضي الله عنه -، قاله النوويّ (٢).

وقال القرطبيّ: هذا منه - صلى الله عليه وسلم - فَرَحٌ به، وبشاشة للقائه، وإعجابٌ برؤيته؛ فإنَّه كان من كَمَلة الرجال خَلْقًا، وخُلُقًا. انتهى (٣).

وأخرج أحمد في "مسنده"، وصححه ابن حبّان، والحاكم عن المغيرة بن شِبْل (٤) قال: قال جرير: لَمّا دنوت من المدينة أنخت راحلتي، ثم حللت عيبتي، ثم لبست حُلّتي، ثم دخلت، فإذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يخطب، فرماني الناس بالحدَق، فقلت لجليسي: يا عبد الله، ذَكَرني رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قال: نعم، ذَكَرك آنفًا بأحسن ذِكر، فبينا هو يخطب إذ عَرَضَ له في خطبته، وقال: "يدخل عليكم من هذا الباب -أو من هذا الْفَجِّ- من خير ذي يمن، ألا إن على وجهه مَسْحَة مَلَك"، قال جرير: فحمدت الله -عَزَّ وَجَلَّ- على ما أبلاني (٥).

وقول: (زَادَ ابْنُ نُمَيْرٍ) هو: محمد بن عبد الله بن نمير شيخه الثاني، (فِي حَدِيثِه، عَن) عبد الله (ابْنِ إِدْرِيسَ) الأوديّ، وقوله: (وَلَقَدْ شَكَوْتُ إِلَيْهِ) مفعول


(١) "الفتح" ٨/ ٥١٧، كتاب "مناقب الأنصار" رقم (٣٨٢٢).
(٢) "شرح النوويّ" ١٦/ ٣٥.
(٣) "المفهم" ٦/ ٤٠٣.
(٤) ويقال: شُبيل -بالتصغير-.
(٥) "مسند الإمام أحمد بن حنبل" ٤/ ٣٥٩.