للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

عمرو بن لُحَيّ قد نصبه أسفل مكة، وكانوا يلبسونه القلائد، ويجعلون عليه بَيض النعام، ويذبحون عنده، وأما الذي لخثعم، فكانوا قد بنوا بيتًا يضاهون به الكعبة، فظهر الافتراق، وقَوِيَ التعدد، والله أعلم. انتهى (١).

(كَانَ يُدْعَى كَعْبَةَ الْيَمَانِيَةِ) قال النوويّ -رَحِمَهُ اللهُ-: (٢): هكذا هو في جميع النسخ، وهو من إضافة الموصوف إلى صفته، وأجازه الكوفيون، وقدّر البصريون فيه حذفًا؛ أي: كعبة الجهة اليمانية، واليمانية بتخفيف الياء على المشهور، وحُكِي تشديدها، وسبق إيضاحه غير مرة.

وفي الرواية التي قبل هذه: "وَكَانَ يُقَالُ لَهُ: الْكَعْبَةُ الْيَمَانِيَةُ، وَالْكَعْبَةُ الشَّامِيَّةُ"، قال في "الفتح": كذا فيه، قيل: وهو غلط، والصواب: "اليمانية" فقط، سَمَّوها بذلك مضاهاة للكعبة، والكعبة البيت الحرام بالنسبة لمن يكون جهة اليمن شامية، فسَمُّوا التي بمكة شامية، والتي عندهم يمانية، تفريقًا بينهما.

قال الحافظ: والذي يظهر لي أن الذي في الرواية صواب، وأنها كان يقال لها: اليمانية باعتبار كونها باليمن، والشامية باعتبار أنهم جعلوا بابها مقابل الشام، وقد حَكَى عياض أن في بعض الروايات: "والكعبة اليمانية الكعبة الشامية" بغير واو، قال: وفيه إيهام، قال: والمعنى: كان يقال لها تارة هكذا، وتارة هكذا، وهذا يُقَوِّي ما قلته، فإن إرادة ذلك مع ثبوت الواو أَولى.

وقال غيره: قوله: "والكعبة الشامية" مبتدأ محذوف الخبر، تقديره: هي التي بمكة، وقيل: الكعبة مبتدأ، والشامية خبره، والجملة حال، والمعنى: والكعبة هي الشامية لا غير.

قال: وحَكَى السهيليّ عن بعض النحويين أن "له" زائدة، وأن الصواب كان يقال: الكعبة الشامية؛ أي: لهذا البيت الجديد، والكعبة اليمانية؛ أي: للبيت العتيق، أو بالعكس، قال السهيليّ: وليست فيه زيادة، وإنما اللام بمعنى "من أجل"؛ أي: كان يقال من أجله: الكعبة الشامية، والكعبة اليمانية؛ أي:


(١) "الفتح" ٩/ ٤٩٤، كتاب "المغازي" رقم (٤٣٥٥).
(٢) "شرح النوويّ" ١٦/ ٣٦.