قال الجامع عفا الله عنه: عندي أن هذا التوجيه الأخير الذي ذكره السهيليّ أَولى وأرجح، وحاصله: أن من أجل وجود ذلك البيت أحدثوا اسمين، أحدهما: الكعبة الشاميّة، وهو اسم للكعبة الشريفة، والثاني: الكعبة اليمانيّة، وهو اسم لبيت الصنم المذكور، فعلى هذا فلا غلط في الرواية، فتأمله بالإمعان، والله تعالى أعلم.
(قَالَ) جرير - رضي الله عنه -: (فَنَفَرْتُ)؛ أي: خرجت مسرعًا للقتال (فِي خَمْسِينَ وَمِائَةِ فَارِسٍ) ولفظ البخاريّ: "في مائة وخمسين راكبًا"، زاد في رواية:"وكانوا أصحاب خيل"؛ أي: يثبتون عليها، لقوله بعده:"وكنت لا أثبت على الخيل"، ووقع في رواية ضعيفة في الطبرانيّ:"أنهم كانوا سبعمائة"، قال الحافظ: فلعلها إن كانت محفوظةً يكون الزائد رجّالةً، وأتباعًا، قال: ثم وجدت في "كتاب الصحابة" لابن السكن أنهم كانوا أكثر من ذلك، فذكر عن قيس بن غَرَبة الأحمسي أنه وَفَد في خمسمائة، قال: وقَدِم جرير في قومه، وقَدِم الحجاج بن ذي الأعين في مائتين، قال: وضُمّ إلينا ثلاثمائة من الأنصار، وغيرهم، فغزونا بني خثعم، فكأن المائة والخمسين هم قوم جرير، وتكملة المائتين أتباعهم، وكأن الرواية التي فيها سبعمائة مَن كان من رهط جرير، وقيس بن غربة؛ لأن الخمسين كانوا من قبيلة واحدة، وغَرَبة بفتح المعجمة، والراء المهملة، بعدها موحّدة، ضَبَطه الأكثر. انتهى.
وقوله: (وَكُنْتُ لَا أَثْبُتُ عَلَى الْخَيْلِ، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَضَرَبَ يَدَهُ فِي صَدْرِي، فَقَالَ:"اللَّهُمَّ ثَبِّتْهُ، وَاجْعَلْهُ هَادِيًا مَهْدِيًّا") قد تقدّم شرحه، فلا تغفل، والله تعالى وليّ التوفيق.
(قَالَ) قيس بن أبي حازم راويًا عن جرير: (فَانْطَلَقَ) جرير (فَحَرَّقَهَا)؛ أي: حرّق الخلصة بيت الصنم (بِالنَّار، ثُمَّ بَعَثَ جَرِيرٌ إِلَى رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - رَجُلًا يُبَشِّرُهُ) بتحريقهم المذكور، (يُكْنَى) بضمّ أوله، وتخفيف النون، أو تشديدها، مبنيًّا للمفعول، مضارع كنى مخفّفًا، أو أكنى، أو كنّى مشدّدًا. (أَبَا أَرْطَاةَ) بفتح