للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الحاضرون عند السؤال، وفي رواية أحمد، وابن حبان من طريق سعيد بن جبير، عن ابن عبّاس أن ميمونة هي التي أخبرته بذلك، وأن ذلك كان في بيتها ليلًا، ولعل ذلك كان في الليلة التي بات ابن عباس فيها عندها؛ ليرى صلاة النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، كما سبق في موضعه.

وقد أخرج أحمد من طريق عمرو بن دينار، عن كريب، عن ابن عباس في قيامه خلف النبيّ - صلى الله عليه وسلم - في صلاة الليل، وفيه: "فقال لي: ما بالك أجعلك حِذائي، فتَخْلُفني؟ فقلت: أوَ ينبغي لأحد أن يصلي حذاءك، وأنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ فدعا لي أن يزيدني الله فهمًا وعلمًا" (١).

(وَفِي رِوَايَةِ أَبِي بَكْرٍ)؛ أي: ابن النضر شيخه الثاني، (قُلْتُ) ففيه أن جواب السؤال لابن عبّاس، وقوله: (ابْنُ عَبَّاسٍ) فاعل لفعل مقدّر دلّ عليه السؤال؛ أي: وَضَعه ابن عبّاس، وعلى رواية "قلت" يكون فيه التفات؛ إذ الأصل أن يقول: "أنا". (قَالَ) - صلى الله عليه وسلم -: ("اللَّهُمَّ فَفهْهُ") زاد في رواية البخاريّ: "في الدين"، وفي رواية للبخاريّ: "اللَّهُمَّ علّمه الكتاب"، والمراد بالكتاب: القرآن؛ لأن العُرف الشرعيّ عليه، والمراد بالتعليم ما هو أعمّ من حِفظه، والتفهم فيه.

وقال القرطبيّ -رَحِمَهُ اللهُ-: قوله: "اللَّهُمَّ فقهه" هنا انتهى حديث مسلم، وقال البخاري: "اللَّهُمَّ فقِّهه في الدين"، وفي رواية قال: "ضمّني رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وقال: اللَّهُمَّ علّمه الكتاب"، قال أبو عمر: وفي بعض الروايات: "اللهُمَّ فقّهه في الدين، وعلّمه التأويل"، قال: وفي حديث آخر: "اللَّهُمَّ بارك فيه، وانشر منه، واجعله من عبادك الصالحين"، وفي حديث آخر: "اللَّهُمَّ زده علمًا، وفقهًا"، قال: وكلها حديث صحيح. انتهى (٢).

وقال في "الفتح": ووقع في رواية مسدّد: "الحكمة" بدل "الكتاب"، وذَكَر الإسماعيلي أن ذلك هو الثابت في الطرُق كلها، عن خالد الحذّاء، قال الحافظ: كذا قال، وفيه نظرٌ؛ لأن البخاريّ أخرجه أيضًا من حديث وُهيب، عن خالد بلفظ: "الكتاب" أيضًا، فيُحْمَل على أن المراد بالحكمة أيضًا: القرآن، فيكون بعضهم رواه بالمعنى.


(١) "الفتح" ١/ ٤٢٣.
(٢) "المفهم" ٦/ ٤٠٦.