وللنسائيّ، والترمذيّ من طريق عطاء، عن ابن عباس، "قال: دعا لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن أوتي الحكمة مرتين"، فيَحْتَمِل تعدّد الواقعة، فيكون المراد بالكتاب: القرآن، وبالحكمة: السُّنَّة، ويؤيده أن في رواية عبيد الله بن أبي يزيد التي قدّمناها عند الشيخين:"اللَّهُمَّ فقّهه في الدين"، لكن لم يقع عند مسلم:"في الدين".
وذكر الحميديّ في الجمع أن أبا مسعود ذَكَره في "أطراف الصحيحين" بلفظ: "اللَّهُمَّ فقّهه في الدّين، وعلمه التأويل"، قال الحميديّ: وهذه الزيادة ليست في "الصحيحين".
قال الحافظ: وهو كما قال، نَعَم هي في رواية سعيد بن جبير التي قدّمناها عند أحمد، وابن حبان، والطبرانيّ، ورواها ابن سعد من وجه آخر، عن عكرمة مرسلًا.
وأخرج البغويّ في "معجم الصحابة" من طريق زيد بن أسلم، عن ابن عمر:"كان عمر يدعو ابن عباس، وبقرّبه، وبقول: إني رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دعاك يومًا، فمسح رأسك، وقال: اللَّهُمَّ فقّهه في الدِّين، وعلّمه التأويل".
[تنبيه]: ووقع في بعض نُسخ ابن ماجه من طريق عبد الوهاب الثقفيّ، عن خالد الحذاء، في حديث الباب، بلفظ:"اللَّهُمَّ علِّمه الحكمة، وتأويل الكتاب"، وهذه الزيادة مستغربة من هذا الوجه، فقد رواه الترمذيّ، والإسماعيليّ، وغيرهما من طريق عبد الوهاب بدونها، قال الحافظ: وقد وجدتها عند ابن سعد من وجه آخر، عن طاوس، عن ابن عباس:"قال: دعاني رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فمسح على ناصيتي، وقال: اللَّهُمَّ علّمه الحكمة، وتأويل الكتاب"، وقد رواه أحمد عن هشيم، عن خالد، في حديث الباب، بلفظ:"مسح على رأسي"، قاله في "الفتح"(١).
وقال في "الفتح" أيضًا في موضع آخر: هذه اللفظة اشتَهَرت على الألسنة: "اللَّهُمَّ فقِّهه في الدين، وعلّمه التأويل" حتى نَسَبها بعضهم لـ "الصحيحين"، ولم يُصِب، والحديث عند أحمد بهذا اللفظ، من طريق ابن