للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال الأزهريّ: وسمعت العرب تقول للمولود حين يولد ذَكَرًا: غُلامٌ، وسمعتهم يقولون للكهل: غُلامٌ، وهو فاشٍ في كلامهم. انتهى (١).

(قَالَ) أنس: (فَسَلَّمَ) - صلى الله عليه وسلم - (عَلَيْنَا)؛ أي: على الغلمان، (فَبَعَثَنِي إِلَى حَاجَةٍ، فَأَبْطَأْتُ)؛ أي: تأخّرت (عَلَى أُمِّي، فَلَمَّا جِئْتُ) إليها (قَالَتْ: مَا حَبَسَكَ؟) "ما" استفهاميّة؛ أي: أيُّ شيء منعك من قضاء حاجتي، والمجيء إليّ؟ وفي رواية لأحمد، وابن سعد، من طريق حميد، عن أنس: "فأرسلني في رسالة، فقالت أم سليم: ما حبسك؟ " (قُلْتُ: بَعَثَنِي) من باب فتح؛ أي: أرسلني (رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - لِحَاجَةٍ، قَالَتْ) أم سليم: (مَا حَاجَتُهُ؟)؛ أي: أيُّ شيء حاجته - صلى الله عليه وسلم -؟ (قُلْتُ: إِنَّهَا سِرٌّ) بكسر السين المهملة، وتشديد الراء: هو: ما يُكْتَمُ، وهو خلاف الإعلان، والجمع: الأَسْرَارُ، وأَسْرَرْتُ الحديثَ إِسْرَارًا: أخفيته، يتعدى بنفسه، وأما قوله تعالى: {تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ} [الممتحنة: ١]، فالمفعول محذوف، والتقدير: تُسِرُّون إليهم أخبارَ النبيّ - صلى الله عليه وسلم - بسبب المودة التي بينكم وبينهم، مثلُ قوله تعالى: {تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ} [الممتحنة: ١]، ويجوز أن تكون "المودة" مفعولَهُ، والباء زائدة للتأكيد، مثلُ أخذت الخطامَ، وأخذت به، وعلى هذا فيقال: أَسَرَّ الفاتحةَ، وبالفاتحة، قال الصغانيّ: أَسْرَرْتُ المودة، وبالمودة، ودخول الباء حَمْلًا على نقيضه، والشيء يُحمَل على النقيض، كما يُحْمَل على النظير، ومنه قوله تعالى: {وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا} الآية [الإسراء: ١١٠]، وأَسْرَرْتُهُ: أظهرته، فهو من الأضداد، وأَسْرَرْتُهُ: نَسَبْته إلى السِّرِّ، قاله الفيّوميّ رحمه الله (٢).

(قَالَتْ) أم سليم: (لَا) ناهية، (تُحَدِّثَنَّ بِسِرِّ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - أَحَدًا) حذّرته، وإن كان حذِرًا؛ للتأكيد عليه، وفي رواية حميد عن أنس: "فقالت: احفظ سرّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -". (قَالَ أَنَسٌ) - رضي الله عنه -: (وَاللهِ لَوْ حَدَّثْتُ بِهِ) (٣)؛ أي: بذلك السرّ (أَحَدًا لَحَدَّثْتُكَ يَا ثَابِتُ) قال بعض العلماء: كأن هذا السرّ كان يختصّ بنساء


(١) "المصباح المنير" ٢/ ٤٥٢.
(٢) "المصباح المنير" ١/ ٢٧٣ - ٢٧٤.
(٣) يوجد في هامش بعض النسخ بلفظ: "بها" بالتأنيث، والظاهر أنه تصحيف، فليُتنبّه، والله تعالى أعلم.